للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما برح على ذلك حتّى توجّه السّلطان إلى الحجاز في سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة، فتركه في القلعة هو والأمير جمال الدّين آقّوش نائب الكرك، والأمير آقبغا عبد الواحد، والأمير طشتمر حمّص أخضر هؤلاء الأربعة لا غير، وبقيّة الأمراء إمّا معه في الحجاز وإمّا في إقطاعاتهم، وأمرهم ألاّ يدخلوا القاهرة حتى يحضر من الحجاز. فلمّا قدم من الحجاز نقم عليه، وأمسكه في صفر سنة أربع وثلاثين وسبع مائة وكان لغضب السّلطان عليه أسباب: منها أنّه لمّا أقام في غيبة السّلطان بالقلعة كان يراسل الأمير جمال الدّين آقوش نائب الكرك ويوادده، وبدت منه في مدّة الغيبة أمور فاحشة من معاشرة الشّباب ومن كلام في حقّ السّلطان، فوشى به آقبغا.

وكان مع ذلك قد كثر ماله وزادت سعادته، فهوى شابّا من أبناء الحسينيّة يعرف بعميّر، وكان ينزل إليه ويجمع الأويراتية، ويحضر الشّباب ويشرب، فحرّك عليه ذلك ما كان ساكنا، ويقال إنّ السّلطان لمّا مات الأمير بكتمر السّاقي، وجد في تركته حرمدان (a) فيه جواب ألماس إلى بكتمر السّاقي «إنّي حافظ لك القلعة (b) إلى آن يرد عليّ منك ما أعتمده». فلمّا وقف السّلّطان على ذلك أمر النّشو بن هلال الدّولة، وشاهد الخزانة، بإيقاع الحوطة على موجوده فوجدا له ستّ مائة ألف درهم فضّة، ومائة ألف درهم فلوسا، وأربعة آلاف دينار ذهبا، وثلاثين حياصة ذهبا كاملة بكفتاتها وخلعها وجواهر وتحفا.

وأقام ألماس عند آقبغا عبد الواحد ثلاثة أيّام، وقتل خنقا بمحبسه في الثّاني عشر من صفر سنة أربع وثلاثين وسبع مائة (c)) هو وأخوه قرا، ووجد له من الفضّة ألفا ألف درهم وأربع مائة ألف درهم، ومن الذّهب والخيل والقماش شيء كثير (c)، وحمل من القلعة إلى جامعه فدفن به، وأخذ جميع ما كان في داره من الرّخام فقلع منها، وكان رخاما فاخرا إلى الغاية.

وكان أسمر طوالا، غتميّا لا يفهم شيئا بالعربي، ساذجا يجلس في بيته فوق لبّاد على ما اعتاده (١).

وبهذا الجامع رخام كثير نقله من جزائر البحر وبلاد الشّام والرّوم، (c)) وعمّر أيضا بجواره قاعة فيها رخام مليح (c) (٢).


(a) بولاق: جرذان.
(b) بولاق: إنني حافظ القلعة.
(c-c) إضافة من مسوّدة الخطط. - الدرر الكامنة ٤٣٨: ١ - ٤٣٩؛ أبا المحاسن: المنهل الصافي ٨٩: ٣ - ٩١ (وفيه ألماس بضم الهمزة ولام ساكنة وميم مفتوحة وألف بعدها وسين مهملة، ومعناه باللغة التركية: ما يموت)، النجوم الزاهرة ٣٠١: ٩).
(١) فيما تقدم ٢٤٤: ٣.
(٢) المقريزي: مسوّدة الخطط ١٣١ و.