للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظهر الجهد الأكبر لهذه اللّجنة على الأخصّ في عهد الخديو عبّاس حلمي الثّاني (١٨٩٢ - ١٩١٤ م) حيث بذلت اللّجنة جهدا كبيرا لضمان تسجيل وحماية الآثار الإسلامية والقبطيّة بالقاهرة ثم ترميم وصيانة القسم الأكبر منها. ويقتضي منّا إرجاع الفضل إلى أهله أن نمتدح بدون تحفّظ ما تحمّلته هذه اللّجنة لتحقيق هذه الغاية. وستظلّ أسماء مثل Julius Franz Pacha و Max Herz Pacha ثم Achille Patricolo و Edmond Pauty مهندسي اللّجنة، وعلي بك بهجت ومحمود باشا أحمد ومحمد بك رمزي خبراء اللّجنة مرتبطة بالنّتائج الرائعة التي تمّ التّوصّل إليها، علما بأنّ العدد الهائل لهذه الآثار والحالة السّيّئة لبعضها جعل مهمّة اللّجنة من الصّعوبة بمكان. ولا شكّ أنّ إعجابنا الآن بآثار القاهرة الإسلامية يرجع الفضل فيه إلى الإرادة القويّة لأعضاء هذه اللّجنة الذين أخذوا على عاتقهم ضرورة استمرار هذه الآثار وبقائها، فلولا تدخّل اللّجنة في الوقت المناسب لضاعت معظم هذه الآثار.

وبالمثل فقد قامت اللّجنة بصيانة وترميم عدد هائل من المنقولات الأثرية وحفظها في حالة جيّدة كان نواة ل «دار الآثار العربية» التي تحوّلت الآن إلى «متحف الفنّ الإسلامي»؛ بحيث نستطيع أن نؤكّد أنّه بدون هذه العناية المثابرة للّجنة فإنّ وثائق نادرة عن الفنّ الإسلامي وعن تاريخ الآثار الإسلامية لم نكن لنصل إليها. فهذه المعالم القائمة والآثار المنقولة الأخرى هي خير شاهد على ماض فنّي رائع، وتقتضي منّا المحافظة الدّائمة عليها، فهي لن تقاوم الخراب والبلى إلاّ إذا دعّمت بعناية ويقظة دائمتين، الأمر الذي يؤكّد أهميّة التّرميم السّليم لها مع ضرورة إحاطتها بنظام حماية قوي يمنع أعمال التّعدّي عليها أو تهديدها.

وتمثّل محاضر لجنة حفظ الآثار العربية بما تضمّه من تقارير ودراسات أثريّة وهندسية وتوثيق لأعمال الصّيانة والتّرميم التي قامت بها، مصدرا من أهمّ مصادر العمارة الإسلامية، فقد رفعت جميع الآثار الإسلامية، سواء بالقاهرة أو الأقاليم، وأخذت لها صورا فوتو غرافية نادرة أوّلا لحالة الأثر كما وجدته، ثم للأثر بعد أعمال التّرميم والصّيانة التي أجرتها به، فخلّفت لنا بذلك أرشيفا نادرا من الصّور الفوتوغرافية لآثار القاهرة الإسلامية كان يقوم بالتقاطها مصوّرون محترفون. ونشرت اللّجنة هذه المحاضر في كرّاسات سنوية باللّغة الفرنسية بلغت، منذ ظهور عددها الأوّل سنة ١٨٨٤ وحتى سنة ١٩٥١، أربعين كرّاسة تخلّلها بعض التّوقّف في فترة الحربين العالميتين، كما ظهرت ترجمة عربية