العدل القديمة التي عمّرها الملك الظّاهر بيبرس وتقدّم خبرها (١).
فلمّا كانت سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة، هدمها النّاصر محمد بن قلاوون، وبناها هذه الطّبلخاناه الموجودة الآن تحت قلعة الجبل، فيما بين باب السّلسلة وباب المدرّج، وصار ينزل إلى عمارتها كلّ قليل (٢).
وتولّى شدّ العمارة (٣) بها آق سنقر شادّ العمائر (٤)، ووجد في أساسها أربعة قبور كبار المقدار، عليها قطع رخام منقوش عليها أسماء المقبورين وتاريخ وفاتهم. فنبشوا ونقلوا قريبا من القلعة، فكانوا خلقا كبيرا عظيما في الطّول والعرض، على بعضهم ملاءة دبيقيّة ملوّنة فساعة مسّتها الأيدي تمزّقت وتطايرت هباء. وفيهم اثنان عليهما آلة الحرب وعدّة الجهاد، وبهما آثار الدّماء والجراحات، وفي وجه أحدهما ضربة سيف بين عينيه، والجرح مسدود بقطنة. فلمّا مسكت القطنة ورفعت عن الجرح فوق الحاجب، نبع من تحتها الدّم (a)) حتى خيّل لهم أنّه جرح جديد (a).
فكان في ذلك موعظة وذكرى (٥).
(a-a) من مسودة الخطط، وفي المبيضة: تحتها دم يظن أنّه جرح طري. تجاه جامع السّلطان حسن (مسجل بالآثار برقم ٥٥٥) (انظر الصورة صفحة ٦٨٩). (١) فيما تقدم ٦٥٥ - ٦٥٩. (٢) المقريزي: السلوك ٢٣٦: ٢؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٧٤: ٩. (٣) شدّ العمائر. الوظيفة الرابعة والعشرون بين وظائف أرباب السّيوف عند القلقشندي، وموضوعها أن يكون صاحبها متكلّما في العمائر السّلطانية ممّا يختار السّلطان إحداثه أو تجديده من القصور والمنازل والأسوار، وكان متوليها في أوّل الأمر أحد أمراء العشراوات ثم صار يشغلها قوم بغير إمرة. (القلقشندي: صبح الأعشى ٢٢: ٤؛ ابن شاهين الظاهري: زبدة كشف الممالك ١١٥؛ السبكي: معيد النعم ١٣٩؛ حسن الباشا: الفنون الإسلامية والوظائف ٦١٦ - ٦١٨). (٤) الأمير شمس الدّين آق سنقر شادّ العمائر. المتوفى بدمشق سنة ٧٤٠ هـ/ ١٣٣٩ م، وهو الذي تنسب إليه قنطرة آق سنقر على خليج القاهرة (فيما تقدم ١٤٧: ٢) والجامع بسويقة السّبّاعين على البركة النّاصريّة (فيما يلي ٣٠٩: ٢). (المقريزي: المقفى الكبير ٢٦٤: ٢ - ٢٦٥؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٤٢١: ١؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٢٢: ٩). (٥) المقريزي: مسودة الخطط ٦٦ ظ - ٦٧ و، السلوك ٢٣٦: ٢؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٧٤: ٩ الذي أضاف: «ونقلوا إلى بين العروستين وجعل عليهم مسجد». ويرى كازانوفا أنّ هذه الجثث لبعض مقاتلة الفرنج الذين قتلوا في المعارك التي نشبت بين جيش عموري الأوّل والمصريين بالقرب من باب البرقية سنة ٥٦٤ هـ/ ١١٦٨ م.