للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل إلى أن كانت سلطنة الملك العادل سيف الدّين أبي بكر بن أيّوب أسكن ابنه الملك الكامل ناصر الدّين محمد (a) في قلعة الجبل، واستنابه في مملكة مصر وجعله وليّ عهده (b). فأتمّ بناء القلعة، وأنشأ بها الآدرّ السّلطانية وذلك في سنة أربع وستّ مائة. وما برح يسكنها حتى مات، فاستمرّت من بعده دار مملكة مصر إلى يومنا.

وقد كان السّلطان صلاح الدّين يوسف يقيم بها أيّاما، وسكنها الملك العزيز عثمان بن صلاح الدّين في أيّام أبيه مدّة، ثم انتقل منها إلى دار الوزارة.

(c)) قال العلاّمة محيي الدّين أبو الفضل عبد اللّه بن عبد الظّاهر بن نشوان في كتاب «خطط القاهرة» ومنه نقلت: قلعة الجبل كان قبل بنائها بها مساجد ولبعضها أوقاف منها مسجد له وقف بالإسكندرية، تولّى عمارتها قراقوش وابتدأ بذلك في سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة (c).

وسمعت حكاية تحكى/ عن صلاح الدّين أنّه طلعها ومعه أخوه الملك العادل، فلمّا رآها التفت إلى أخيه وقال: يا سيف الدّين قد بنيت هذه القلعة لأولادك. فقال: يا خوند منّ اللّه عليك أنت وأولادك وأولاد أولادك بالدّنيا. فقال: ما فهمت ما قلت لك، أنا نجيب ما يأتي لي أولاد نجباء، وأنت غير نجيب فأولادك يكونون نجباء! فسكت (١).

قال كاتبه (d): وهذا الذي ذكره صلاح الدّين يوسف من انتقال الملك عنه إلى أخيه وأولاد أخيه، ليس هو خاصّا بدولته، بل اعتبر ذلك في الدّول تجد الأمر ينتقل عن أولاد القائم بالدّولة إلى بعض أقاربه. هذا رسول اللّه ، هو القائم بالملّة الإسلامية، ولمّا توفّي ، انتقل أمر القيام بالملّة الإسلامية بعده إلى أبي بكر الصّدّيق ، واسمه عبد اللّه بن عثمان بن


(a) النّصّ في بولاق: إلى أن كانت سلطنة الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب.
(b) بولاق: ولي عهد.
(c-c) هذه الفقرة من مسودة الخطط، وجاء عوضها في المبيضة: قال ابن عبد الظاهر.
(d) بولاق: قال مؤلفه. ومؤونته العظيمة كنشر الرّخام ونحت الصّخور العظام وحفر الخندق المحدق بسور الحصن المذكور - وهو خندق ينقر بالمعاول نقرا في الصّخر عجبا من العجائب الباقية الآثار - العلوج الأسارى من الرّوم وعددهم لا يحصى كثرة، ولا سبيل أن يمتهن في ذلك البنيان أحد سواهم». (الرحلة ٢٥).
(١) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٣٠ - ١٣١؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٦٨: ٣ - ٣٦٩؛ المقريزي: مسودة الخطط ١٤١ ظ.