إسماعيل بن ثعلب الجعفري، في شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وستّ مائة، وجعله ميدانا، وأنشأ فيه مناظر جليلة تشرف على النّيل الأعظم، وصار يركب إليه ويلعب فيه بالكرة (١).
وكان عمل هذا الميدان سببا لبناء القنطرة - التي يقال لها اليوم قنطرة الخرق (٢) - على الخليج الكبير لجوازه عليها، وكان قبل بنائها موضعها موردة سقّائي القاهرة. وما برح هذا الميدان تلعب فيه الملوك بالكرة من بعد الملك الصّالح إلى أن انحسر ماء النّيل من تجاهه وبعد عنه، فأنشأ الملك الظّاهر ميدانا على النّيل.
وفي سلطنة الملك المعزّ عزّ الدّين أيبك التّركماني الصّالحي النّجمي، قال له منجمّه: إنّ أمرأة تكون سببا في قتله. فأمر أن تخرّب الدّور والحوانيت التي من قلعة الجبل بالتّبّانة إلى باب زويلة وإلى باب الخرق وإلى باب اللّوق إلى الميدان الصّالحي (٣)، وأمر ألاّ يترك باب مفتوح بالأماكن التي يمرّ عليها يوم ركوبه إلى الميدان، ولا تفتح أيضا طاقة.
وما زال باب هذا الميدان باقيا، وعليه طوارق مدهونة، إلى ما بعد سنة أربعين وسبع مائة، فأدخله صلاح الدّين بن المغربي في قيساريّة الغزل (٤) التي أنشأها هناك. ولأجل هذا الباب قيل لذلك الخطّ «باب اللّوق». ولمّا خرب هذا الميدان حكر، وبني موضعه ما هنالك من المساكن.
ومن جملته حكر مرادي، وهو على يمنة من سلك من جامع الطّبّاخ إلى قنطرة قدادار، وهو في أوقاف خانقاه قوصون وجامع قوصون بالقرافة (٥). وهذا الحكر اليوم قد صار كيمانا بعد كثرة العمارة به (٦).
(١) فيما تقدم ٣٩٢ - ٣٩٣. ويدلّ على موضع الميدان الصّالحي الآن المنطقة التي تحدّ من الشّرق بشارع محمد فريد (عماد الدّين سابقا)، ومن الشّمال شارع قصر النّيل، ومن الغرب شارع القاضي الفاضل وشارع يوسف الجندي (الحوياتي سابقا) - الذي يفصل بينه وبين موقع الميدان الظّاهري -، ومن الجنوب شارع عبد السّلام عارف (البستان سابقا) وميدان الفلكي وشارع التحرير حتى يتلاقى مع شارع محمد فريد (عماد الدّين). (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٧: ٩ هـ ١). (٢) فيما تقدم ٤٩٢ - ٤٩٣. (٣) وهو ما يعادل الآن شارع الدّرب الأحمر فشارع تحت الرّبع خارج باب زويلة، فميدان أحمد ماهر (باب الخلق) فشارع حسن الأكبر فشارع علي ذو الفقار (الصّنافيري سابقا) إلى ميدان باب اللّوق (عبد السّلام عارف الآن). (٤) لم يفرد المقريزي قيسارية الغزل بمدخل مستقلّ عند ذكره للقياسر. (٥) فيما يلي ٤٢٥: ٢. (٦) المقريزي: مسودة الخطط ٥٩ ظ - ٦٠ و.