للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الداخلة من أنصنا هيكلا، وأقام فيه بأتريب، وهيكلا شرقي الإسكندرية.

وأقام صنما من صوّان أسود باسم زحل على عبرة النّيل من الجانب الغربي، وبنى في الجانب الشرقي مدائن في إحداها صورة صنم قائم وله إحليل، إذا أتاه المعقود والمسحور ومن لا ينتشر ذكره فمسحه (a) بكلتا يديه، انتشر ذكره وقوي على الباه. وفي إحداها بقرة لها ضرعان كبيران، إذا انعقد لبن امرأة أتتها ومسحتها بيديها، فإنّه يدرّ لبنها (١).

وجمع التّماسيح بطلّسم عمله بناحية أسيوط، فكانت تنصبّ من النّيل إلى إخميم انصبابا، فيقتلها ويستعملها جلودا في السّفن وغيرها (٢).

وعمل منقاوس الملك بيتا تدور به تماثيل لجميع العلل، وكتب على رأس كلّ تمثال يصلح [له] (b) من العلاج، فانتفع الناس بها زمانا إلى أن أفسدها بعض الملوك.

وعمل صورة امرأة متبسّمة، لا يراها مهموم إلاّ زال همّه ونسيه، فكان الناس يتناوبونها ويطوفون حولها، ثم عبدوها من جملة ما عبدوه بعد ذلك.

وعمل تمثالا من صفر مذهّب بجناحين، لا يمرّ به زان ولا زانية إلاّ كشف عورته بيده. وكان الناس يمتحنون به الزّناة، فامتنعوا من الزّنا فرقا منه. فلمّا ملك كلكن عشقت حظيّة عنده رجلا من خدمه، وخافت أن تمتحن بذلك الصّنم، فأخذت في ذكر الزّواني مع الملك وأكثرت من سبّهن وذمّهن، فذكر كلكن ذلك الصّنم وما فيه من المنافع؛ فقالت: صدق الملك، غير أنّ منقاوش لم يصب في أمره؛ لأنّه أتعب نفسه وحكماءه فيما جعله لإصلاح العامّة دون نفسه، وكان حكم هذا أن ينصب في دار الملك حيث يكون نساؤه وجواريه، فإن اقترفت إحداهنّ ذنبا علم بها فيكون رادعا لهنّ متى عرض بقلوبهن شيء من الشّهوة. فقال كلكن: صدقت، وظنّ أنّ هذا منها نصح، فأمر بنزع الصّنم من موضعه ونقله إلى داره فبطل عمله، وعملت المرأة ما كانت همّت به.

وبنى هيكلا على جبل القصير للسّحرة، فكانوا لا يطلقون الرّياح للمراكب المقلعة إلاّ/ بضريبة يأخذونها منهم للملك (٣).


(a) في النويري: فمسه.
(b) زيادة من النويري.
(١) النويري: نهاية الأرب ٦١: ١٥ - ٦٢ وقارن المسعودي: أخبار الزمان ١٦٦ - ١٦٧.
(٢) نفسه ٦٣: ١٥؛ نفسه ١٦٧.
(٣) النويري: نهاية الأرب ٦٥: ١٥ - ٦٦ (عن ابن