وكانت من الموات، فاستنبطها قرّة بن شريك العبسي (a) أمير مصر، وأحياها وغرسها قصبا، فعرفت باسطبل قرّة، وعرفت أيضا باسطبل قاش (b) (١)، وتنقّلت حتى صارت تعرف ببركة الحبش. ودخلت في ملك أبي بكر الماذرائي فجعلها وقفا، ثم أرصدت لبني حسن وبني حسين ابني عليّ بن أبي طالب ﵃ فلم تزل جارية في الأوقاف عليهم إلى وقتنا هذا.
قال أبو عمر (c) الكندي في «كتاب الأمراء»: وقدم قرّة بن شريك من وفادته في سنة ثلاث وتسعين، فاستنبط الاسطبل لنفسه من الموات، وأحياه وغرسه قصبا. فكان يسمّى إسطبل قرّة، ويسمّى أيضا إسطبل القاش (b) - يعنون القصب - كما يقولون: قاش (b) مروان (٢).
وقال أبو القاسم عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم في كتاب «فتوح مصر»: وكان الاسطبل للأزد، فاشتراه منهم الحكم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم فبناه. وكان يجري على الذي يقرأ في المصحف الذي وضعوه في المسجد - الذي يقال له «مصحف أسماء»(٣) - من كراه في كلّ شهر ثلاثة دنانير. فلمّا حيزت أموالهم - يعني أموال بني أميّة -، وضمّت إلى مال اللّه، حيز الاسطبل فيما حيز. وكتب بأمر المصحف إلى أمير المؤمنين أبي العبّاس السّفّاح، فكتب «أن أقرّوا مصحفهم في مسجدهم على حاله، وأجروا على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير من مال اللّه في كلّ شهر (d)» (٤).
وقال القضاعيّ: بركة الحبش كانت تعرف ببركة المعافر وحمير، وتعرف باسطبل قاش (b)، وكانت في ملك أبي بكر محمد بن عليّ الماذرائي بجميع ما تشتمل عليه من المزارع والجنان خلا الجنان التي في شرقيها، وأظنّها الجنان المنسوبة إلى وهب بن صدقة وتعرف بالحبش، فإنّي رأيت في شرط هذه البركة «أنّ الحدّ الشّرقي ينتهي إلى الفضاء الفاصل بينها وبين الجنان المعروفة بالحبش»، فدلّ على أنّ الجنان خارجة عنها (٥).
(a) بولاق: العنبسي. (b) بولاق: قامش. (c) بولاق: بكر. (d) بولاق: في كل شهر من مال اللّه تعالى. (١) حاشية بخطّ المؤلّف: «قاس بقاف ثم سين مهملة - وقيل معجمة - هو قاس بن دريم بن … بن … بن بهران عمرو ابن الحارث بن قضاعة تنسب إليه قبيلة في … في قضاعة من قبائل يمن منهم: المقداد بن الأسود الكندي من الصحابة». (٢) الكندي: ولاة مصر ٨٦؛ وفيما تقدم ٤٩: ٢. (٣) انظر عن مصحف أسماء فيما يلي ٢٥٤: ٢. (٤) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١١٧. (٥) ياقوت: معجم البلدان ٤٠١: ١؛ ابن دقماق: -