للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أعمال الجبّارين، وهي نيّف وأربعون قنطرة، عمّرها الأمير قراقوش الأسدي - وكان على العمائر في أيّام السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب - بما هدمه من الأهرام التي كانت بالجيزة، وأخذ حجرها فبنى منه هذه القناطر، وبنى سور القاهرة ومصر وما بينهما، وبنى قلعة الجبل (١). وكان خصيّا روميّا سامي الهمّة، وهو صاحب الأحكام المشهورة والحكايات المذكورة، وفيه صنّف الكتاب المشهور المسمّى ب «الفاشوش في أحكام قراقوش» (٢).

وفي سنة سبع (a) وتسعين وخمس مائة، تولّى أمر هذه القناطر من لا بصيرة عنده، فسدّها رجاء أن يحبس الماء، فقويت عليها جرية الماء فزلزلت منها ثلاث قناطر وانشقّت، ومع ذلك فلم يرو ما رجا أن يروي (٣).

وفي سنة ثمان وسبع مائة رسم الملك المظفّر بيبرس الجاشنكير برمّها، فعمّر/ ما خرب منها، وأصلح ما فسد فيها، فحصل النّفع بها (٤).

وكان قراقوش لمّا أراد بناء هذه القناطر بنى رصيفا من حجارة ابتدأ به من حيّز النّيل بإزاء مدينة مصر، كأنّه جبل ممتدّ على الأرض مسيرة ستة أميال، حتى يتّصل بالقناطر (b) (٥).


(a) بولاق: تسع.
(b) هنا في هامش آياصوفيا بياض عشرة أسطر وصفحة. الأوّل ٨٦).
(١) انظر فيما تقدم ٣٠٠: ١، ٣٢٥.
(٢) هذا الكتاب من تأليف الأسعد بن ممّاتي، وانظر عن بهاء الدّين قراقوش فيما تقدم ٣٠٨ هـ ٢.
(٣) عبد اللطيف البغدادي: الإفادة والاعتبار ٤٤ - ٤٥.
(٤) بيبرس المنصوري: زبدة الفكرة ٤٠٧؛ المقريزي: السلوك ٤٩: ٢.
(٥) كانت قناطر الجيزة مكونة من جملة عيون أغلبها مسدود تحت شارع الهرم الآن والجزء المفتوح منها كان حتى العقد الرابع من القرن العشرين يمرّ منه مجرور بحر اللبيني الذي كان يقع غربي مصرف المحيط تحت شارع الهرم وعلى بعد ١٥٠٠ متر من الجهة الشرقية للأهرام بأراضي ناحية نزلة السّمّان. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٧٧: ٦ هـ ١).