للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال إنّ خليج الذّكر حفره كافور الإخشيدي؛ (a)) قال كاتبه: عمل هذا الخليج في الأصل ترعة يدخل منها ماء النّيل للبستان المعروف بالمقسي، ثمّ وسّع (a)، فلمّا زال البستان المقسي في أيّام الخليفة الظّاهر بن الحاكم، وجعله بركة قدّام المنظرة المعروفة باللّؤلؤة، صار يدخل الماء إليها من هذا الخليج. وكان يفتح هذا الخليج قبل الخليج الكبير.

ولم يزل حتى أمر الملك النّاصر محمد بن قلاوون، في سنة أربع وعشرين وسبع مائة، بحفره فحفر وأوصل بالخليج الكبير. وشرع الأمراء والجند في حفره من أخريات جمادى الآخرة، فلمّا فتح كادت القاهرة/ أن تغرق، فسدّت القنطرة التي عليه فهدمها الماء. ومن حينئذ عزم السّلطان على حفر الخليج النّاصري. وأنا أدركت آثاره، وفيه ينبت القصب المسمّى بالفارسي (١).

(a)) وأخبرني من رآه وفيه الماء الجاري من تحت القنطرة التي تعرف بقنطرة التّركماني بخطّ الدّكّة، وقد ارتدمت وموضعها الآن معروف. وكان الماء يدخل إلى خليج الذّكر من الموضع الذي يعرف اليوم بفم الخور (a) (٢).

وأخبرني الشّيخ المعمّر حسام الدّين حسن بن عمر الشّهرزوري أنّه يعرف خليج الذّكر هذا وفيه الماء، وسبح فيه غير مرّة، وأراني آثاره. وكان الماء يدخل إليه من تحت قنطرة الدّكّة - الآتي ذكرها في القناطر إن شاء اللّه - وعلى خليج فم الخور الآن قنطرة، وعلى خليج الذّكر قنطرة، يأتي ذكرهما إن شاء اللّه عند ذكر القناطر (٣).

وإنّما قيل له خليج الذّكر لأنّ بعض أمراء الملك الظّاهر ركن الدين بيبرس - كان يعرف بشمس الدّين الذّكر الكركي - كان له فيه أثر من حفره فعرف به. وكان للنّاس عند هذا الخليج مجتمع يكثر فيه لهوهم ولعبهم.


(a-a) إضافة من مسودة الخطط.
(١) كان فم خليج الذّكر، وقت أن كان النّيل يجري تحت شارع عماد الدّين، في النقطة التي يتلاقى فيها الآن شارع عماد الدّين بشارع قنطرة الدّكّة، ثم يسير إلى الشرق في شارع قنطرة الدّكّة فشارع القبيلة فشارع الجامع الأحمر إلى نهايته فشارع الشيخ حمّاد فحارة درب مصطفى إلى أن يصب في الخليج المصري (شارع بورسعيد الآن) تجاه مدرسة الفرير (القديس يوسف) على رأس شارع الخرنفش. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٢٤: ٩ - ١٢٥ هـ ٣).
(٢) المقريزي: مسودة الخطط ١٦٢ و.
(٣) فيما يلي ٥٠٦.