«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، للّه الأمر من قبل ومن بعد، وله الشّكر وله الحمد، ومنه المنّ على عبده جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات، وما وفّقه له من البناء لهذه البئر وجريانها إلى السّبع سقايات التي أنشأها، وحبسها لجميع المسلمين، وحبسه وسبّله وقفا مؤبّدا لا يحلّ تغييره ولا العدول بشيء من مائه، ولا ينقل ولا يبطل، ولا يساق إلاّ إلى حيث مجراه إلى السّقايات المسبّلة، ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى اَلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اَللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الآية ١٨١ سورة البقرة]. وذلك في سنة خمس وخمسين وثلاث مائة، وصلّى اللّه على نبيّه محمد وآله وسلّم»(١).
فلمّا طال الأمر خربت السّقايات، وإلى اليوم يعرف موضعها بخطّ السّبع سقايات، وبني فوق البئر المذكورة، وتولّد فيها كثير من الوطواط (a)، فعرفت ببئر الوطاويط./ ولمّا أكثر النّاس من بناء الأماكن، في أيّام النّاصر محمد بن قلاوون، عمّر هذا المكان، وعرف إلى اليوم ب «خطّ بئر الوطاويط». وهو خطّ عامر.
فهذا ما في جهة الخليج ممّا خرج عن باب زويلة.
وأمّا جهة الجبل فإنّها كانت عند وضع القاهرة صحراء. وأوّل من أعلم أنّه عمّر خارج باب زويلة من هذه الجهة الصّالح طلائع بن رزّيك، فإنّه أنشأ الجامع الذي يقال له جامع الصّالح، ولم
(a) بولاق: الوطاويط. (١) تعدّ هذه الكتابة التاريخية أقدم حجّة وقف في مصر وصلت إلينا، وأهم نقش من ناحية التاريخ الذي كتب فيه، بعد النّقش الموجود على جامع ابن طولون. وقد كشف عن قطعة من الحجر الرّملي الوردي اللون تحمل خمسة أسطر من الكتابة الكوفية المزهرة مدمجة في حائط بيت خرب على ارتفاع متر من سطح الأرض في حيّ الصّليبة عند مدخل الحارة التي كانت تقود من شارع الصليبة إلى جامع ابن طولون، قبل فتح الميدان الواقع الآن أمام الجامع. وتحمل هذه القطعة الحجرية - المسجلة بالآثار تحت رقم ٤٣٢ - بداية نصّ النّقش الذي ذكره كاملا المقريزي في الخطط. (راجع أيضا Van Berchem، M.، CIA Egypte I، p. ٧٨ n ٤٨; Salmon، G.، Etudes sur la topographie du Caire pp. ٤٤ - ٤٦; Wiet، G.، CIA Egypte II، pp. ٩١ - ٩٣ n ٥٧٠، id.، «Une inscription d'un vizir des Ikhshidides»، Der Islam V (١٩١٤)، pp. ١٩١ - ٧٣; id.، RCEA V، n ١٩٢٠؛ سيدة إسماعيل كاشف: مصر في عصر الإخشيديين ٣٠٦ - ٣٠٧؛ محمد محمد أمين: الأوقاف والحياة الاجتماعية في مصر ٣٧ - ٣٨؛ Fuad Sayyid، (A.، La Capitale de l'Egypte، pp. ٧١ - ٧٣.