للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فلمّا نظر إلى مارية وأختها أعجبتاه وكره أن يجمع بينهما، وكانت إحداهما تشبه الأخرى، فقال: «اللّهم اختر لنبيّك». فاختار اللّه له مارية. وذلك أنّه لمّا قال لهما: «اشهدا أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدا عبده ورسوله». فبادرت مارية فشهدت وآمنت قبل أختها، ومكثت أختها ساعة ثم تشهّدت وآمنت، فوهب رسول اللّه أختها لمحمد بن مسلمة الأنصاري، وقال بعضهم: بل وهبها لدحية بن خليفة الكلبي (١).

وعن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرّحمن بن شماسة المهري، عن عبد اللّه بن عمر قال:

دخل رسول اللّه على أمّ إبراهيم أمّ ولده القبطيّة، فوجد عندها نسيبا لها كان قدم معها من مصر، وكان كثيرا ما يدخل عليها، فوقع في نفسه شيء فرجع، فلقيه عمر بن الخطّاب فعرف ذلك في وجهه، فسأله فأخبره، فأخذ عمر السّيف ثم دخل على مارية وقريبها عندها، فأهوى إليه بالسّيف، فلمّا رأى ذلك كشف عن نفسه وكان مجبوبا ليس بين رجليه شيء، فلمّا رآه عمر رجع إلى رسول اللّه فأخبره، فقال رسول اللّه : «إنّ جبريل أتاني فأخبرني أنّ اللّه ﷿ قد برّأها وقريبها، وأنّ في بطنها غلاما منّي، وأنّه أشبه الخلق بي، وأمرني أن أسمّيه إبراهيم، وكنّاني بأبي إبراهيم».

وقال الزّهريّ عن أنس: لمّا ولدت أمّ إبراهيم إبراهيم كأنّه وقع في نفس النّبيّ منه شيء، حتى جاءه جبريل فقال: «السّلام عليك يا أبا إبراهيم»؛ ويقال: إنّ المقوقس بعث معها بخصيّ كان يأوي إليها (٢). وقيل: إنّ المقوقس أهدى لرسول اللّه جوار (a) منهن أمّ إبراهيم، وواحدة وهبها رسول اللّه لأبي جهم بن حذيفة العبدري (b)، وواحدة وهبها لحسّان بن ثابت.

فولدت مارية لرسول اللّه إبراهيم، وكان أحبّ الناس إليه حتى مات فوجد به، وكان سنّه يوم مات ستة عشر شهرا (٣).

وكانت البغلة والحمار أحبّ دوابّه إليه، وسمّى البغلة الدّلدل، وسمّى الحمار يعفورا، وأعجبه العسل، فدعا في عسل بنها بالبركة، وبقيت تلك الثّياب حتى كفّن في بعضها (٤).


(a) بولاق: جواري.
(b) إضافة من فتوح مصر.
(١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٤٨ - ٤٩.
(٢) نفسه ٤٩.
(٣) نفسه ٥٠.
(٤) نفسه ٥٢.