للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل فارس، ثم ورد خبرها إلى أهل العراق والرّوم والشّام ومصر في السنة التي قدّمت ذكرها.

قال: وكان بيرزطن في زمن الأكاسرة، وأدرك الإسلام وأسلم، وإنّ الناس من ذلك الوقت يستعملونها. وقد نسب إظهارها إلى أهل الهند عليّ بن مكّي في أبيات أنشدنيها من لفظه، وهى:

[الطويل]

ألا فاكفف الأحزان عنّي مع الضّرّ … بعذراء زفّت في ملاحفها الخضر

تجلّت لنا لمّا تحلّت بسندس … فجلّت عن التّشبيه في النّظم والنّثر

بدت تملأ الأبصار نورا بحسنها … فأخجل نور الرّوض والزّهر بالزّهر

عروس يسرّ النّفس مكنون سرّها … وتصبح في كلّ الحواس إذا تسري

فللذّوق منها مطعم الشّهد رائقا … وللشّمّ منها فائق المسك بالنّشر

وفي لونها للطّرف أحسن نزهة … يميل إلى رؤياه من سائر الزّهر

تركّب من قان وأبيض فانثنت … تتيه على الأزهار عالية القدر

فتكسف نور الشّمس حمرة لونها … وتخجل من مبيضة طلعة البدر

علت رتبة في حسنها وكأنها … زبرجد روض جاده وابل القطر

تبدّت فأبدت ما أجنّ من الهوى … وجاءت فولّت جند همّي والفكر

جميلة أوصاف جليلة رتبة … تغالت فغالى في مدائحها شعري

فقم فانف جيش الهمّ واكفف يد العنا … بهنديّة أمضى من البيض والسّمر

بهنديّة في أصل إظهار أكلها … إلى الناس لا هنديّة اللّون كالسّمر

/ تزيل لهيب الهمّ عنّا بأكلها … وتهدي لنا الأفراح في السّرّ والجهر

قال: وأنا أقول: إنّه قديم معروف منذ أوجد اللّه تعالى الدّنيا، وقد كان على عهد اليونانيين، والدّليل على ذلك ما نقله الأطبّاء في كتبهم، عن بقراط وجالينوس، من مزاج هذا العقار وخواصّه ومنافعه ومضاره.

قال ابن جزلة في كتاب «منهاج البيان» (١): القنّب الذي هو ورق


(١) «منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان» لشرف الدّين أبي علي يحيى بن عيسى بن علي المعروف بابن جزلة، المتوفى سنة ٤٩٣ هـ/ ١١٠٠ م. ذكر فيه جميع الأدوية والأشربة وكل مركّب من ذلك، ورتّبه على حروف المعجم، واعتمد في ذلك على أبقراط وديسقوريدس ورومنس وجالينوس وحنين وإسحاق والرازي، وألّفه للخليفة المقتدي بأمر اللّه العباسي. (راجع، Vernet، J.، El ٢ art.Ibn Djazla III، pp. ٧٧٦ - ٧٧; Brockelmann، C.، GAL I، ٤٨٥، SI، -