للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّعبي؛ لأنّه كانت به مناظر تعرف ب «مناظر الصّعبي» (a)، تشرف على النّيل خربت الآن ولم يعرف لها أثر. وكان على شاطئ الخليج الكبير - في هذا الجانب الغربي الذي نحن في ذكره، بجوار بستان الخشّاب الذي كان يتوصّل إليه من قنطرة السّدّ، وبعضه الآن الميدان السّلطاني - بستان يعرف بالجزيرة - أعني بستان الجزيرة المعروف بالصّعبي - وكان من البساتين الجليلة.

وهذا الصّعبي هو الشّيخ كريم الدّولة عبد الواحد بن محمد بن علي الصّعبيّ، مات في شهر رمضان سنة ثلاث وستّ مائة بمصر. و (b)) لا أدري هل هو الذي نسبت إليه هذه المناظر أو (b) كان له أخ يعرف بعبد العظيم بن محمد الصّعبيّ. ولمّا انحسر ماء النّيل عن الرّملة التي قيل لها منية بولاق تجاه المقس، وعمّرت هناك الدّور (١)، اتّصلت من قبليها بالخور، وأنشئ بشاطئ النّيل الذي بالخور دور تجلّ عن الوصف، وانتظمت صفّا واحدا من بولاق إلى منشأة المهراني وموردة الحلفاء، ومن موردة الحلفاء على ساحل مصر الجديد إلى دير الطّين غربي بركة الحبش، لو أحصي ما أنفق على بناء هذه الدّور لقام بخراج مصر أيّام كانت عامرة، وقد خرب معظمها من سنة ستّ وثمان مائة (٢). وقد تقدّم ذكر منشأة الفاضل (٣).

وأمّا «حكر السّنباط» (c) و «حكر كريم الدّين الصّغير» و «حكر المطوّع» و «حكر العين الزّرقاء»، فإنّها بالقرب من الميدان الكبير السّلطاني، وقد خربت بعدما كانت عامرة بالدّور والمتنزّهات.


(a) مسودة الخطط: ويقال الخور ومناظر الصعبي.
(b-b) إضافة من مسودة الخطط.
(c) بولاق: الساباط.
(١) فيما يلي ٤٣٠ - ٤٣٤.
(٢) المقريزي: مسودة الخطط ٥٩ ظ.
والنّصّ فيه أكثر تفصيلا يقول: «وأدركنا بهذا المكان المعروف بالخور من الدّور المطلّة على النّيل ما يتجاوز عدد المئين صفّا منتظما على شاطئ النّيل من زربيّة قوصون إلى بولاق بلغت النّفقة على كلّ دار منها الآلاف من مثاقيل الذّهب يسكنها وجوه النّاس من الوزراء والأمراء والقضاة والأعيان؛ فيها عدّة أزقّة ودروب ومن ورائها الأسواق الجليلة والحمّامات والبساتين. فلمّا كان بعد سنة ستّ وثمان مائة انطرد النّيل عن هذا الجانب الشّرقي إلى الجانب الغربي وكثرت الجوانح وتطاول أمد الغلاء، فأخذ النّاس في هدم تلك الدّور وبيع أنقاضها حتى خربت كلّها ولم يبق منها إلاّ معالم أطلال خاوية. وهذا الخليج - أعني خليج فم الخور - هو الذي كان يدخل منه الماء إلى خليج الذّكر كما يأتي ذكره». (فيما يلي ٤٧٩).
(٣) فيما تقدم ١٦٤: ٢ - ١٦٥.