للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكأنّ هذه الأرض لمّا انحسر عنها ماء النّيل كانت أرضا ليّنة. وإلى الآن في أراضي مصر ما إذا نزل عنها ماء النّيل، لا تحتاج إلى الحرث للينها، بل تلاق لوقا.

فصواب هذا المكان أن يقال فيه: «أراضي اللّوق» بفتح اللام، إلاّ أنّ النّاس إنّما عهدناهم يقولون قديما: باب اللّوق، وأراضي باب اللّوق بضم اللام. ويجوز أن يكون من اللقّ بضم اللام وتشديد القاف.

قال ابن سيده: واللّقّ كلّ أرض شيّقة مستطيلة، واللّقّ الأرض المرتفعة، ومنه كتاب عبد الملك بن مروان إلى الحجّاج «لا تدع خقّا ولا لقّا إلاّ زرعته»، حكاه الهروي في «الغربيين» (١).

انتهى.

والخقّ - بضم الخاء المعجمة وتشديد القاف - الغدير إذا جفّ. وقيل الخقّ ما اطمأن من الأرض، واللقّ ما ارتفع منها.

وأراضي اللّوق هذه كانت بساتين ومزدرعات، ولم يكن بها في القديم بناء ألبتّة، لم لمّا انحسر الماء عن منشأة الفاضل عمّر فيها كما ذكر في موضعه من هذا الكتاب (٢).

ويطلق اللّوق في زمننا على المكان الذي يعرف اليوم بباب اللّوق، المجاور لجامع الطّبّاخ المطلّ على بركة الشّقاف، وما يسامته إلى الخليج الذي يعرف اليوم بخليج فم الخور. وينتهي اللّوق من الجانب الغربي إلى منشأة المهراني، ومن الجانب الشرقي إلى الدّكّة بجوار المقس (a) (٣).

وكان القاضي الفاضل قد اشترى قطعة كبيرة من أراضي اللّوق هذه من بيت المال وغيره بجمل كثيرة من المال، ووقفها على عين الأزرق (b) (٤) بالمدينة النّبويّة - على ساكنها أفضل الصّلاة


(a) مسودة الخطط: الموضع المعروف بالدكة من حقوق المقس.
(b) بولاق: العين الزرقاء.
(١) ابن سيده: المحكم ٣٤٩: ٦.
(٢) فيما تقدم ١٦٤: ٢ - ١٦٥.
(٣) المقريزي: مسودة الخطط ٥٦ ظ.
كانت أرض اللّوق ممتدّة على النّيل في الجهة الغربية من القاهرة، وتشمل المنطقة التي تحدّ الآن من الشمال بشارع قنطرة الدّكّة، ومن الغرب بشارع رمسيس فشارع مريت باشا فميدان التحرير فشارع القصر العيني، والحدّ القبلي لها شارع بستان الفاضل. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٠٨: ٦ هـ ١، ١٩٣: ٩ هـ ٢).
(٤) عين الأزرق، نسبة إلى مروان بن الحكم عرف بذلك لزراق عينيه، أجرى هذه العين بأمر معاوية بن أبي سفيان، كانت تقع في ظاهر المدينة النبويّة قبالة مصلى العيد. (السمهودي: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت ١٩٨١، ٩٨٥: ٣، ٩٨٧).