للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القاضي محيي الدّين عبد اللّه بن عبد الظّاهر في كتاب «الرّوضة البهيّة الزّاهرة في خطط المعزّيّة القاهرة»: شاطئ الخليج المعروف ببرّ ابن (a) التّبّان: ابن التّبّان المذكور هو رئيس المراكب في الدّولة المصرية، وكان له قدر وأبّهة في الأيّام الآمريّة وغيرها. ولمّا كان في الأيّام الآمريّة، تقدّم إلى النّاس بالعمارة قبالة الخرق غربي الخليج. فأوّل من ابتدأ وعمّر الرّئيس ابن التّبّان، فإنّه أنشأ مسجدا وبستانا ودارا، فعرفت تلك الخطّة (b) به إلى الآن. ثم بنى سعد الدّولة والي القاهرة، وناهض الدّولة عليّ، وعديّ الدّولة أبو البركات محمد بن عثمان، وجماعة من فرّاشي الخاصّ.

واتّصلت العمارة بالآجرّ والسّقوف النّقيّة والأبواب المنظومة، من باب البستان المعروف بالعدّة على شاطئ الخليج الغربي، إلى البستان المعروف بأبي اليمن.

ثم ابتنى جماعة غيرهم ممّن يرغب في الأجرة والفرجة، على التّراع التي تتصرّف من الخليج إلى الزّهري والبساتين، من المنازل والدّكاكين شيئا كثيرا، وهي النّاحية المعروفة الآن بشقّ الثّعبان وسويقة القيمري، إلى أن وصل البناء إلى قبالة البستان المعروف بنور الدّولة الرّيفي (c). وهذا البستان/ معروف في هذا الوقت بالخطّة المذكورة، وهو متلاشي الحال بسبب ملوحة بئره.

وبستان نور الدّولة هو الآن الميدان الظّاهري والمناظر به (١)، وتفرّقت الشّوارع والطّرق، وسكنت الدّكاكين والدّور، وكثر المتردّدون إليه والمعاش فيه إلى أن استناب والي القاهرة بها نائبا عنه. ثم تلاشت تلك الأحوال، وتغيّرت إلى أن صارت أطلالا، وعفت تلك الآثار. ثم بعد ذلك حكر آدرّا وبساتين، وبني على غير تلك الصّفة المقدّم ذكرها، وبني على ما هو عليه.

ثم حكر بستان الزّهري آدرّا، ولم يبق منه إلاّ قطعة كبيرة بستانا، وهو الآن أحكار تعرف بالزّهري، ويعرف البرّ جميعه ببرّ ابن التّبّان إلى هذا الوقت، وولايته تعرف بولاية الحكر. وبني به حمّام الشّيخ نجم الدّين بن الرّفعة، وحمّام تعرف بالقيمري، وحمّام تعرف بحمّام الدّاية على شاطئ الخليج (٢). انتهى.


(a) ساقطة من بولاق.
(b) الروضة: عرف ذلك الخط.
(c) بولاق: الريعي.
(١) فيما يلي ٦٢٨.
(٢) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٢٦ - ١٢٧؛ المقريزي: مسودة الخطط ٥٢ و- ظ. ولم يفرد المقريزي هذه الحمامات بمداخل مستقلة.