للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمّا أوّل أمره فإنّ الخليفة الحاكم بأمر اللّه أنشأ «الباب الجديد» على يسرة الخارج من باب زويلة على شاطئ بركة الفيل، وهذا الباب أدركت عقده عند رأس المنتجبّية (a) بجوار سوق الطّيور (١). ثم لمّا اختطّت حارة اليانسيّة وحارة الهلاليّة (٢)، صار ساحل بركة الفيل قبالتها، واتّصلت العمائر من الباب الجديد إلى الفضاء الذي هو الآن خارج المشهد النّفيسي.

فلمّا كانت الشّدّة العظمى في خلافة المستنصر، وخربت القطائع والعسكر، صارت مواضعها خرابا إلى خلافة الآمر بأحكام اللّه. فعمّر النّاس حتى صارت مصر والقاهرة لا يتخلّلهما خراب، وبنى النّاس في الشّارع من الباب الجديد إلى الجبل عرضا حيث قلعة الجبل الآن، وبني حائط يستر خراب القطائع والعسكر (٣). فعمّر من الباب الجديد طولا إلى باب الصّفا بمدينة مصر، حتى صار المتعّيشون بالقاهرة والمستخدمون يصلّون العشاء الآخرة بالقاهرة، ويتوجّهون إلى سكنهم في مصر، ولا يزالون في ضوء وسرج وسوق موقود من الباب الجديد خارج باب زويلة إلى باب الصّفا حيث الآن كوم الجارح، والمعاش مستمرّ في اللّيل والنّهار (٤).

ووقف القاضي الرّئيس المختار العدل زكيّ الدّين أبو العبّاس أحمد بن مرتضى بن سيّد الأهل ابن يوسف حصّة من البستان الكبير، المعروف يومئذ بالمخاريق الكبرى (٥) الكائن فيما بين/ القاهرة ومصر بعدوة الخليج، على القربات، وشرط أنّ النّاظر يشتري في كلّ فصل من فصول الشّتاء من قماش الكتّان الخام أو القطن ما يراه، ويعمل ذلك جبابا وبغالطيقا محشوّة قطنا، وتفرّق على الأيتام الذّكور والإناث الفقراء غير البالغين بالشّارع الأعظم خارج باب زويلة، فيدفع لكلّ واحد


(a) في النسخ: المنجبية.
(١) الباب الجديد. أنشأه الخليفة الحاكم بأمر اللّه على يسار الخارج من باب زويلة على شاطئ بركة الفيل ليحدّد لطوائف الجيش المختلفة الحدّ الأقصى من أراضي الأطراف الممنوحة لهم، وكان يقع في عرض الطّريق الممتد خارج باب زويلة والمعروفة بشارع المغربلين تجاه زاوية السّيّدة عائشة اليونسية على رأس شارع الدّاودية من الجهة القبلية. (المسبحي: أخبار مصر ٦٠؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٥٨: ٢ - ٥٩، وفيما يلي ٣٦٦؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٥٠: ٣، أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٤: ٥ هـ ٣؛ Salmon، G.، La Kal at al-Kabch et la Birkat al-Fil، pp. ٥٠ - ٥٣; Fu'ad Sayyid، A.، op.cit.، pp. ٣٥٢ - ٥٦، وفيما يلي ٣٦٦).
(٢) فيما تقدم ٤٦: ٢، ٥٨.
(٣) فيما تقدم ٥٨: ٢.
(٤) فيما تقدم ٥٨: ٢، وهذا المجلد ٥٧ وفيما يلي ٢٦٥: ٢؛ ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٣٤ - ١٣٥.
(٥) انظر عن المخاريق الكبرى فيما يلي ٣٨٢.