وقال القاضي شمس الدّين أحمد بن محمد بن خلّكان: جهاركس بن عبد اللّه فخر الدّين أبو المنصور النّاصري الصّلاحي (a)، كان من أكبر (b) أمراء الدّولة الصّلاحية، وكان كريما نبيل القدر عالي الهمّة. بنى بالقاهرة القيساريّة الكبرى المنسوبة إليه، رأيت جماعة من التّجّار الذين طافوا البلاد يقولون: لم نر في شيء من البلاد مثلها في حسنها وعظمها وإحكام بنائها. وبنى بأعلاها مسجدا كبيرا وربعا معلّقا. وتوفّي في بعض شهور سنة ثمان وستّ مائة بدمشق، ودفن في جبل الصّالحيّة، وتربته مشهورة هناك، ﵀.
وجهاركس، بفتح الجيم والهاء (c) وبعد الألف راء ثم كاف مفتوحة ثم سين مهملة، ومعناه بالعربي: أربعة أنفس، وهو لفظ عجمي (١).
وقال الحافظ جمال الدّين يوسف بن أحمد بن محمود اليغموري: سمعت الأمير الكبير الفاضل شرف الدّين أبا الفتح عيسى ابن الأمير بدر الدّين محمد بن أبي القاسم بن محمد ابن أحمد الهكّاري البحتري الطائي المقدسي بالقاهرة - ومولده سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة بالبيت المقدّس، شرّفه اللّه تعالى، وتوفّي بدمشق في ليلة الأحد تاسع عشرين ربيع الآخر سنة تسع وستّ مائة، ودفن بسفح جبل قاسيون،﵀ قال: حدّثني الأمير صارم الدّين خطلبا التّبنيني، صاحب الأمير فخر الدّين أبي المنصور جهاركس بن عبد اللّه النّاصري الصّلاحيّ ﵀، قال: بلغ الأمير فخر الدّين أنّ بعض الأجناد عنده فرس قد دفع له فيه ألف دينار ولم يسمح ببيعه، وهو في غاية الحسن. فقال لي الأمير: يا خطلبا إذا ركبنا ورأيت في الموكب هذا الفرس نبّهني عليه حتى أبصره. فقلت: السّمع والطّاعة.
فلمّا ركبنا في الموكب مع الملك العزيز عثمان بن الملك النّاصر ﵀ رأيت الجندي على فرسه، فتقدّمت إلى الأمير فخر الدّين وقلت له: هذا الجندي وهذا الفرس راكبه. فنظر إليه وقال: إذا خرجنا من سماط السّلطان، فانظر أين الفرس وعرّفني به. فلمّا دخلا إلى سماط الملك العزيز، عجّل الأمير فخر الدّين وخرج قبل النّاس، فلمّا بلغ إلى الباب قال لي: أين الفرس؟
(a) المسودة: أبو المنصور جهاركس بن عبد اللّه الناصري الصلاحي الملقب فخر الدين. (b) عند ابن خلكان: كبراء. (c) النص عن ابن خلكان: بكسر الجيم وفتح الهاء! (١) ابن خلكان: وفيات الأعيان ٣٨١: ١؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٤ ظ - ٣٥ و؛ وانظر ابن واصل: مفرج الكروب ٤٠٤: ٣ (الكشافات).