للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّلطان وأنا الأعسر، فصدره منقام، وحديثي معه كأنّي أحدّث أستاذي. وقرّر من بعده في الوزارة ابن الخليلي.

فلمّا قتل لاجين، وأعيد الملك النّاصر محمد بن قلاوون إلى الملك ثانيا، أفرج عن سنقر الأعسر وعن جماعة من الأمراء، وأعاد الأعسر إلى الوزارة في جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وستّ مائة (a). وفي وزارته هذه كانت هزيمة الملك النّاصر بعساكره من غازان (١). فتولّى ناصر الدّين الشّيخي، والي القاهرة، جباية الأموال من التّجّار وأرباب الأموال لأجل النّفقة على العساكر.

وقرّر في وزارته على كلّ أردبّ غلّة خرّوبة (٢) إذا طلع إلى الطّحّان، وقرّر أيضا «نصف السّمسرة» - ومعناها أنّه كان للمنادي على الثّياب أجرة دلالته على كلّ ما مبلغه مائة درهم درهمين، فيؤخذ منه درهم منهما ويفضل له درهم - واستخدم على هاتين الجهتين نحو مائتين من الأجناد البطّالين، وتحصّل في بيت المال من أموال المصادرات مبلغ عظيم.

ثم خرج الوزير بمائة من مماليك السّلطان، وتوجّه إلى بلاد الصّعيد - وقد وقعت له في النّفوس مهابة عظيمة - فكبس البلاد، وأتلف كثيرا من المفسدين، من أجل أنّه لمّا حصلت وقعة غازان كثر طمع العربان في المغلّ، ومنعوا كثيرا من الخراج، وعصوا الولاة، وقطعوا الطّريق. وما زال يسير إلى الأعمال القوصيّة، فلم يدع فرسا لفلاّح ولا قاض ولا متعمّم حتى أخذه، وتتبّع السّلاح، ثم حضر بألف وستين فرسا وثمان مائة وسبعين جملا وألف وستّ مائة رمح وألف ومائتي سيف وتسع مائة درقة وستة آلاف رأس غنم، وقتل عدّة من/ النّاس، فتمهّدت البلاد، وقبض النّاس مغلّهم بتمامه.


(a) في جميع النسخ: سبع مائة، سبق قلم.
(١) غازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو ملك التّتار، المتوفى سنة ٧٠٣ هـ/ ١٣٠٣ م، ووقعة غازان المذكورة في هذا الخبر، كانت في بلاد الشّام سنة ٦٩٩ هـ/ ١٢٩٩ م. (مجهول: تاريخ سلاطين المماليك ٥٨ - ٦٢؛ بيبرس الدوادار: زبدة الفكرة ٣٣٠ - ٣٤٤؛ الصفدي: أعيان العصر ٥: ٤ - ١٨؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ٢٢٠ - ٢٢١؛ المقريزي: السلوك ٨٨٢: ١ - ٩٠٤؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٢٠: ٨ - ١٣١).
(٢) خرّوبة ج. خراريب. قطعة صغيرة من النّقود النّحاسية تعادل ١٠/ ١ درهم. Dozy، R.، Suppl.Dict.Ar.I، p.) (٣٥٧.