للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم توجّه سيف الدّين طوجي (a) بهديّة وخلعة لأزبك، فلبسها وقال لطوجي (a): قد جهّزت لأخي الملك النّاصر ما كان طلب، وعيّنت له بنتا من بيت جنكزخان من نسل الملك ماطوخان (b). فقال طوجي (a): لم يرسلني السّلطان في هذا. فقال أزبك: أنا أرسلها إليه من جهتي.

وأمر طوجي (a) بحمل مهرها، فاعتذر بعدم المال، فقال: نحن نقترض من التّجّار؛ فاقترض عشرين ألف دينار وحملها. ثم قال: لابد من عمل فرح تجتمع فيه الخواتين (١). فاقترض مالا آخر نحو سبعة آلاف دينار، وعمل الفرح.

وجهّزت الخاتون «طلنباي» ومعها جماعة من الرّسل، وهم: بابنجار من كبار المغل، وإيتغلي (c) وطقبغا، ومنعوش، وطرجي، وعثمان، وبكتمر، وقرطبا، والشيخ برهان الدّين إمام الملك أزبك، وقاضي هراي.

فساروا في زمن الخريف، وأقلعوا فلم يجدوا ريحا تسير بهم، فأقاموا في برّ الرّوم على ميناء ابن منششا خمسة أشهر، وقام بخدمتهم هو والأشكري ملك قسطنطينية، وأنفق عليهم الأشكري ستين ألف دينار، فوصلوا إلى الإسكندرية في شهر ربيع الأوّل سنة عشرين وسبع مائة.

فلمّا طلعت الخاتون من المراكب، حملت في خركاة من ذهب على العجل، وجرّها المماليك إلى دار السّلطان (d) بالإسكندرية. وبعث السّلطان إلى خدمتها عدّة من الحجّاب وثماني عشرة من الحرم ونزلت في الحرّاقة، فوصلت إلى القلعة يوم الاثنين خامس عشرين ربيع الأوّل المذكور، وفرش لها بالمناظر في الميدان دهليز أطلس معدني، ومدّ لهم سماط.

وفي يوم الخميس ثاني عشرين، أحضر السّلطان رسل أزبك، ووصل رسل ملك الكرج ورسل الأشكري بتقادمهم. ثم بعث إلى الميدان الأمير سيف الدّين أرغون النّائب والأمير بكتمر السّاقي والقاضي كريم الدّين ناظر الخاصّ، فمشوا في خدمة الخاتون إلى القلعة وهي في عربة (e) (٢).


(a) بولاق: طوخي.
(b) بولاق: يا طرخان.
(c) ساقطة من بولاق.
(d) بولاق: السلطنة.
(e) بولاق: عز.
(١) الخاتون ج. خواتين وخاتونات. لفظ تركي معناه: السّيّدة، كان يستخدم في عصر المماليك للتدليل على زوجات السلطان أو نساء طبقتهم. (حسن الباشا: الألقاب الإسلامية ٢٦٤ - ٢٦٦؛ Boyl، J.A.، El art.Khatun IV، p. ١١٦٤; Abd ar-Raziq، A.، La Femme auL ٢ (temps des Mamlouks en Egypte، pp. ٩٦ - ٩٧.
(٢) ابن أبيك: كنز الدرر ٣٠٢: ٩ - ٣٠٣.