للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخدمة الحرمين اللّه شرّفنا … فضلا وملّكنا الأمصار تمليكا

وبالجميل وحلو النّصر عوّدنا … خذ التّواريخ واقرأها فتنبيكا

والأنبياء لنا الرّكن الشّديد وكم … بجاههم من عدوّ راح مفلوكا

ومن يكن ربّه الفتّاح ناصره … ممّن يخاف وهذا القول يكفيكا

وقال:

[الطويل]

إذا المرء لم يعرف قبيح خطيئته (a) … ولا الذّنب منه مع عظيم بلّيته

فذلك عين الجهل منه مع الخطأ … وسوف يرى عقباه عند منيّته

وليس يجازى المرء إلاّ بفعله … وما يرجع الصّيّاد إلاّ بنيّته

/ وهذه الدّار كانت موجودة قبل بني فضل اللّه، وتعرف بدار بيبرس، فعمّر فيها محيي الدّين وابنه علاء الدّين، وكانت من أبهج دور القاهرة وأعظمها. وما زالت بيد أولاد بدر الدّين وأخيه عزّ الدّين حمزة، إلى أن تغلّب الأمير جمال الدّين على أموال الخلق. فأخذ ابن أخيه الأمير شهاب الدّين أحمد الحاجب - المعروف بسيدي أحمد - ابن أخت جمال الدّين دار بني فضل اللّه منهم، كما أخذ خاله دور النّاس وأوقافهم، وعوّض أولاد ابن فضل اللّه عنها، وغيّر كثيرا من معالمها.

وشرط (b) في الازدياد من العمارة اقتداء بخاله، فأخذ دورا كانت بجوار مستوقد حمّام ابن عبّود المقابلة لدار ابن فضل اللّه، واغتصب لها الرّخام والأحجار والأخشاب، وهدم عدّة دور وكثيرا من التّرب بالقرافة - منها تربة الشّيخ عزّ الدين بن عبد السّلام، وكانت عجيبة البناء - وأدخل ذلك في عمارته المذكورة، ووسّع فيها من جهة البندقانيين ما كان خرابا منذ الحريق الذي تقدّم ذكره (١)، وأنشأ من هناك حوض ماء تشرب منه الدّواب.

فلمّا قارب إكمالها، قبض الملك النّاصر فرج على خاله جمال الدّين يوسف الأستادّار (c) وقتله، وكان أحمد هذا ممّن قبض عليه معه. فوضع الأمير تغري بردي - وهو يومئذ أجلّ أمراء النّاصر - يده على هذه الدّار، وما رضي بأخذها حتى طلب كتابها، فإذا به قد تضمّن أنّ أحمد


(a) بولاق: خطيئة.
(b) بولاق: وشرع.
(c) بولاق: أستادا.
(١) فيما تقدم ٨٩ - ٩١.