للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عوضا عن الأمير بيبرس الحاجب، ولم يزل حتى مات الملك النّاصر، فقام مع قوصون، ووافقه على خلع الملك المنصور أبي بكر ابن الملك النّاصر. ثم لمّا هرب ألطنبغا الفخري، اتّفق الأمراء مع أيدغمش على الأمير قوصون، فوافقهم على محاربته، وقبض على قوصون وجماعته، وجهّزهم إلى الإسكندرية، وجهّز من أمسك ألطنبغا ومن معه، وأرسلهم أيضا إلى الإسكندرية.

وصار أيدغمش في هذه النّوبة هو المشار إليه في الحلّ والعقد، فأرسل ابنه في جماعة من الأمراء والمشايخ إلى الكرك بسبب إحضار أحمد ابن الملك النّاصر محمد. فلمّا حضر أحمد من الكرك، وتلقّب بالملك النّاصر، واستقرّ أمره بمصر، أخرج أيدغمش نائبا بحلب. فسار إلى عين جالوت، وإذا بالفخري قد صار إليه مستجيرا به، فأمّنه وأنزله في خيمة. فلمّا ألقى عنه سلاحه واطمأن، قبض عليه وجهّزه إلى الملك النّاصر أحمد، وتوجّه إلى حلب فأقام بها إلى أن استقرّ الملك الصّالح إسماعيل بن محمد في السّلطنة فنقله عن نيابة حلب إلى نيابة دمشق، فدخلها في يوم العشرين من صفر سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة، ومازال بها إلى يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة منها. فعاد من مطعم طيوره، وجلس بدار السّعادة حتى انقضت الخدمة، وأكل الطاري وتحدّث، ثم دخل إلى داره فإذا جواريه يختصمن (a)، فضرب واحدة منهن ضربتين، وشرع في الضّربة الثالثة فسقط ميّتا، ودفن من الغد في تربته خارج ميدان الحصا ظاهر دمشق.

وكان جوادا كريما، وله مكانة عند الملك النّاصر الكبير بحيث أنه أمّر أولاده الثّلاثة (١). وكان قد بعث الملك الصّالح بالقبض عليه، فبلغ القاصد في قطيا موته فعاد.

(b)) وكان لأيدغمش ولد يقال له ناصر الدّين محمد بن أيدغمش عاش أميرا إلى خامس عشر من شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وتسعين وسبع مائة فمات وهو آخر من بقي من الأمراء النّاصرية وقد شاخ، قال مؤلّفه: رأيته غير مرّة (b).


(a) أعيان العصر مصدر المقريزي: يتخاصمن.
(b-b) إضافة من نسخة: ص.
(١) هم: أمير علي وأمير حاج وأمير أحمد (الصفدي: أعيان العصر ٦٥٤: ١، الوافي بالوفيات ٤٨٩: ٩، المقريزي: المقفى الكبير ٣٤٦: ٢).