للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمير قطلوبغا الفخري وأمسك سيفه، وتكاثروا عليه فأمسكوه، وجهّزوه إلى الإسكندرية فاعتقل بها، ثم قتل في الخامس من ربيع الأوّل سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة (١) لأوّل سلطنة الملك الأشرف كجك.

وكان شابّا أبيض اللّون ظريفا، مديد القامة نحيفا، خفيف اللّحية كأنّها عذار، على حركاته رشاقة، حسن العمّة يتعمّم النّاس على مثالها. وكان يشبّه بأبي سعيد ملك العراق، إلاّ أنّه كان غير عفيف الفرج، زائد الهرج والمرج، لم يعف عن مليحة ولا قبيحة، ولم يدع أحدا يفوته، حتى يمسك نساء الفلاّحين وزوجات الملاّحين، واشتهر بذلك ورمي فيه بأوابد.

وكان زائد البذخ، منهمكا على ما يقتضيه عنفوان الشّبيبة، كثير الصّلف والتّيه، لا يظهر الرّأفة ولا الرّحمة في تأنّيه. ولمّا توجّه بأولاد السّلطان ليفرّجهم في دمياط، كان يذبح لسماطه في كلّ يوم خمسين رأسا من الغنم وفرسا لا بد منه، خارجا عن الإوزّ والدّجاج. وكان راتبه دائما كلّ يوم من الفحم برسم المشوي مبلغ عشرين درهما عنها مثقال ذهب، وذلك سوى الطّوارئ.

وأطلق له السّلطان كلّ يوم بقجة قماش من اللّفافة إلى الخفّ إلى القميص واللّباس والملوطة والبغلطاق والقباء (a) والقباء الفوقاني بوجه إسكندري على سنجاب طري بطرز زركش (b) رقيق وكلّوتة وشاش، ولم يزل يأخذ ذلك كلّ يوم إلى أن مات السّلطان. وأطلق له في يوم واحد، عن ثمن قرية يبنى (c) (٢) بساحل الرّملة، مبلغ ألف ألف درهم فضّة، عنها يومئذ خمسون ألف مثقال من الذّهب. وهو أوّل من أمسك بعد موت الملك النّاصر.

وقال الأديب المؤرّخ صلاح الدّين خليل بن أيبك الصّفدي، ومن كتابه نقلت ترجمة بشتاك:

[الكامل]

قال الزّمان وما سمعنا قوله … والنّاس فيه رهائن الأشراك

من ينصر المنصور من كيدي وقد … صاد الرّدى بشتاك لي بشراك (٣)


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: مطرز مزركش.
(c) بولاق: تبنى.
(١) في المقفى ٤٢٧: ٢ أنه قتل في ليلة الجمعة تاسع عشر ربيع الأول سنة ٧٤٢ هـ.
(٢) يبنى بالضم ثم السكون ونون وألف مقصور. بليد قرب الرّملة فيه قبر صحابي يقال هو أبو هريرة أو عبد اللّه بم أبي سرح (ياقوت: معجم البلدان ٤٢٨: ٥).
(٣) الصفدي: أعيان العصر ٦٩٤: ١، الوافي -