للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأمر اللّه على خلافة القصور، وخلع عليه وحمله على فرسين. فلمّا كان في المحرّم سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة سار لولاية برقة بعد ما خلع عليه، وأعطي خمسة آلاف دينار وعدّة من الخيل والثّياب.

قال ابن عبد الظّاهر: اليانسيّة خارج باب زويلة (١)، أظنها منسوبة ليانس وزير الحافظ لدين اللّه، الملقّب بأمير الجيوش سيف الإسلام، ويعرف بيانس الفاصد، وكان أرمنيّ الجنس، وسمّي الفاصد لأنّه فصد الأمير حسن بن الحافظ، وتركه محلولا فصاده حتى مات.

وله خبر غريب في وفاته، كان الحافظ/ قد نقم عليه أشياء طلب قتله بها باطنا، فقال لطبيبه:

اكفني أمره بمأكل أو مشرب. فأبى الطّبيب ذلك خوفا أن يصير عند الحافظ بهذه العين وربّما قتله بها، والحافظ يحثّه على ذلك. فاتّفق ليانس الوزير المذكور أنّه مرض بزحير، وأنّ الحافظ خاطب الطّبيب بذلك، فقال: يا مولاي قد أمكنتك الفرصة، وبلغت مقصودك، ولو أنّ مولانا عاده في هذه المرضة اكتسب حسن أحدوثة. وهذه المرضة ليس دواؤه منها إلاّ التّودّع (a) والسّكون، ولا شيء أضرّ عليه من الانزعاج والحركة. فمجرّد ما يسمع (b) بقصده مولانا له تحرّك، واهتمّ بلقاء مولانا وانزعج، وفي ذلك تلف (c) نفسه. ففعل الخليفة ذلك، وأطال الجلوس عنده، فمات (٢).

وهذا الخبر فيه أوهام: منها أنّه جعل اليانسيّة منسوبة ليانس الوزير، وقد كانت اليانسيّة قبل يانس هذا بمدّة طويلة. ومنها أنّه ادّعى أنّ حسن بن الحافظ مات من فصاده، وليس كذلك، وإنّما مات مسموما. ومنها أنّه زعم أنّ يانس تولّى فصده، وليس كذلك، بل الذي تولّى قتله بالسّمّ أبو سعيد بن قرقة. ومنها أنّ الذي نقم عليه الحافظ من الأمراء فخانه في ابنه حسن، إنّما هو الأمير المعظّم جلال الدّين محمد المعروف بجلب راغب. وهذا نصّ الخبر، فعره (d) بالك.


(a) بولاق: الدعة.
(b) بولاق: فبمجرد ما سمع.
(c) النسخ: تلاف.
(d) بولاق: فنزه.
(١) الحارة اليانسية. يدلّ على موقعها الآن مجموعة المساكن الواقعة خارج باب زويلة، على يسار الخارج منه، التي يخترقها حارة اليانسية ودرب الأنسية - المحرّف عن اليانسية. ومدخلها من شارع الدّرب الأحمر تجاه جامع قجماس الإسحاقي المعروف بجامع أبي حربية، ولها مدخل آخر بشارع المغربلين بجوار زاوية سيدي علي الفيّومي.
(٢) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٣٥ - ١٣٦؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٥٩: ٣؛ المقريزي: مسودة الخطط ٤٢ ظ - ٤٣ و.