للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا كان في تاسع عشر ذي القعدة، عفا عنهما الحاكم، وأذن لهما في الرّكوب، فركبا إلى القصر بزيّهما من غير حلق شعر ولا تغيير حال الحزن (١).

فلمّا كان في حادي عشر جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، قبض على عبد العزيز بن النّعمان، وطلب حسين بن جوهر ففرّ هو وابنه في جماعة، وكثر الصّياح بدار عبد العزيز، وغلّقت حوانيت القاهرة وأسواقها، فأفرج عنه ونودي: ألا يغلق أحد. فردّ حسين بعد ثلاثة أيام بابنيه، وتمثّلوا بحضرة الحاكم، فعفا عنهم، وأمرهم بالمسير إلى دورهم بعد أن خلع على حسين وعلى صهره عبد العزيز وعلى أولادهما، وكتب لهما أمانان. ثم أعيد عبد العزيز في شهر رمضان إلى ما كان يتقلّده من النّظر في المظالم (٢).

ثم ردّ الحاكم، في شهر ربيع الأوّل سنة أربع مائة، على حسين بن جوهر وأولاده وصهره عبد العزيز ما كان لهم من الإقطاعات، وقرئ لهم سجلّ بذلك (٣).

فلمّا كان ليلة التاسع من ذي القعدة، فرّ حسين بأولاده وصهره وجميع أموالهم وسلاحهم، فسيّر الحاكم الخيل في طلبهم نحو دجوة فلم يدركهم، وأوقع الحوطة على سائر دورهم، وجعلت للدّيوان المفرد - وهو ديوان أحدثه الحاكم يتعلّق بما يقبض من أموال من يسخط عليه - وحمل سائر ما وجد لهم بعد ما ضبط (٤).

وخرجت العساكر في طلب حسين ومن معه، وأشيع أنّه قد صار إلى بني قرّة بالبحيرة (٥)، فأنفذت إليه الكتب بتأمينه واستدعائه إلى الحضور، فأعاد الجواب: بأنّه لا يدخل ما دام أبو نصر ابن عبدون النّصراني الملقّب بالكافي، ينظر في الوساطة، ويوقّع عن الخليفة، فإنّي أحسنت إليه أيّام نظري، فسعى بي إلى أمير المؤمنين، ونال منّي كلّ منال، ولا أعود أبدا وهو وزير (٦).

فصرف ابن عبدون في رابع المحرّم سنة إحدى وأربع مائة، وقدم حسين بن جوهر ومعه عبد العزيز بن النّعمان وسائر من خرج معهما. فخرج جميع أهل الدّولة إلى لقائه، وتلقّته الخلع فأفيضت عليه وعلى أولاده وصهره، وقيد بين أيديهم الدّواب. فلمّا وصلوا إلى باب القاهرة


(١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٧٤: ٢.
(٢) نفسه ٧٧: ٢، ٧٨.
(٣) نفسه ٨١: ٢.
(٤) نفسه ٨٢: ٢، وانظر عن الديوان المفرد كذلك القلقشندي: صبح الأعشى ٤٥٣: ٣، وفيما يلي ٢٨٧: ٢.
(٥) نفسه ٨٣: ٢.
(٦) نفسه ٨٤: ٢.