قال كاتبه (a): فعلى هذا يكون بفتح الجيم، فإن الجوّاني - بفتح الجيم وتشديد الواو وفتحها وبعد الواو ألف ساكنة ثم نون - نسبة إلى جوّان على وزن حرّان، وهي قرية من عمل مدينة طيبة على صاحبها أفضل الصّلاة والسّلام.
وعلى القول الأوّل تكون الجوّانيّة بفتح الجيم أيضا مع فتح الواو وتشديدها، فإنّ أهل مصر يقولون لما خرج عن المدينة أو الدّار «برّا» ولما دخل «جوّا» بضم الجيم، وهو خطأ. ولهذا كان الورّاقون يكتبون حارة الرّوم البرّانيّة لأنّها من خارج القصر، ويكتبون حارة الرّوم الجوّانية لأنّها من داخل القاهرة، ولا يصار إليها إلاّ بعد المرور على القصر. وكان موضعها إذ ذاك من وراء القصر خلف دار الوزارة والحجر، فكأنّها في داخل البلد.
ولذلك أصل، قال ابن سيده في مادّة «ج وو» من كتاب «المحكم»: «وجوّ (b) البيت داخله، لفظة شاميّة» (١) فتعيّن فتح الجيم من الجوّانية، ولا عبرة بما تقوله العامّة من ضمّها.
وقال الشّريف محمد بن أسعد الجوّاني، الحسن بن محمد الجوّاني بن عبيد اللّه الجوّاني ابن حسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب: وقيل لمحمد بن عبيد اللّه (c) «الجوّانيّ» بسبب ضيعة من ضياع المدينة - على ساكنها أفضل الصّلاة والسّلام - يقال لها الجوّانيّة. وكانت تسمّى البصرة الصّغرى لخيراتها وغلالها، لا يطلب شيء إلاّ وجد بها، وهي قريبة من «صريا» (d) ضيعة الإمام أبي جعفر محمد بن عليّ الرّضا.
وكانت الجوّانيّة ضيعة لعبيد اللّه فتوفي عنها، فورثها بعده ولده وأزواجه، فاشترى محمد الجوّانيّ ولده - بما حصل له بالميراث - الباقي من الورثة، فحصلت له كاملة فعرف بها، فقيل الجوّانيّ.
قال: ولم تزل أجداد مؤلّفه ببغداد إلى حين قدوم ولده أسعد النّحوي مع أبيه من بغداد إلى مصر، ومولده بالموصل في سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة (٢).
(a) بولاق: مؤلفه. (b) بولاق: جوا. (c) بولاق: عبد اللّه. (d) بولاق: صرار. (١) ابن سيده: المحكم والمحيط الأعظم ٣٣٢: ٧. (٢) الشّريف القاضي سناء الملك أبو البركات أسعد بن عليّ بن معمر بن عمر الحسيني الجوّاني النحوي، المتوفى نحو سنة ٥٥٠ هـ/ ١١٥٥ م. (العماد الكاتب: خريدة القصر (قسم مصر) ١١٩: ١ - ١٢٠؛ القفطي: إنباه الرواة ٢٣٠: ١ - ٢٣١؛ المقريزي: المقفى الكبير ٨٠: ٢ - ٨١).