للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإخشيد محمد بن طغج في داره المعروفة بالمختار في الجزيرة الراكبة على النّيل، والنّيل مطيّف بها. وقد أمر فأسرج من جانب الجزيرة وجانب الفسطاط ألف مشعل غير ما أسرج أهل مصر من المشاعل والشّمع.

وقد حضر النّيل في تلك الليلة مئو ألوف من النّاس من المسلمين والنّصارى، منهم في الزّواريق، ومنهم في الدّور الدانية من النّيل، ومنهم على الشّطوط. لا يتناكرون [الحضور ويظهرون] (a) كلّ ما يمكنهم إظهاره في المآكل والمشارب [والملابس] (a) وآلات الذّهب والفضّة والجواهر والملاهي والعزف والقصف. وهي أحسن ليلة تكون بمصر وأشملها سرورا، ولا تغلق فيها الدّروب، ويغطس أكثرهم في النّيل، ويزعمون أنّ ذلك أمان من المرض ونشرة للداء (١).

وقال المسبّحيّ في سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة: كان غطاس النّصارى، فضربت الخيام والمضارب والأشرعة في عدّة مواضع على شاطئ النّيل، فنصبت أسرّة للرئيس فهد بن إبراهيم النّصراني كاتب الأستاذ برجوان، وأوقدت له الشّموع والمشاعل، وحضر المغنّون والملهون، وجلس مع أهله يشرب إلى أن كان وقت الغطاس، فغطّس وانصرف (٢).

وقال في سنة خمس عشرة وأربع مائة: وفي ليلة الأربعاء رابع ذي القعدة، كان غطاس النّصارى، فجرى الرّسم من النّاس في شراء الفواكه والضّأن وغيره، ونزل أمير المؤمنين الظّاهر لإعزاز دين اللّه بن الحاكم لقصر جدّه العزيز باللّه بمصر، لنظر الغطاس ومعه الحرم.

ونودي ألاّ يختلط المسلمون مع النّصارى عند نزولهم إلى البحر في الليل، وضرب بدر الدولة الخادم الأسود، متولّى الشّرطتين خيمة عند الجسر/ وجلس فيها.

وأمر الخليفة الظّاهر لإعزاز دين اللّه بأن توقد المشاعل والنار في الليل، فكان وقيدا كثيرا، وحضر الرّهبان والقسوس بالصّلبان والنيران، فقسّسوا هناك طويلا إلى أن غطّسوا (٣).


(a) إضافة من مروج الذهب.
(١) المسعودي: مروج الذهب ٦٩: ٢ - ٧٠؛ وفيما تقدم ٧١٨: ١.
(٢) المسبحي: نصوص ضائعة ١٨ - ١٩، وفيما تقدم ٧١٨: ١.
(٣) المسبحي: أخبار مصر ٧٠؛ وفيما تقدم ٧١٩: ١.