ويتجمّع المؤنّثون والفاسقات تحت قصر اللّؤلؤة بحيث يشاهدهم الخليفة، وبأيديهم الملاهي، وترتفع الأصوات، وتشرب الخمر والمزر شربا ظاهرا بينهم وفي الطّرقات، ويتراش النّاس بالماء، وبالماء والخمر، وبالماء ممزوجا بالأقذار. فإن غلط مستور وخرج من داره، لقيه من يرشّه ويفسد ثيابه، ويستخفّ بحرمته، فإمّا فدى نفسه وإما فضح. ولم يجر/ الحال في هذا النّوروز على هذا، ولكن قد رشّ الماء في الحارات، وأحيا المنكر في الدّور أرباب الخسارات (١).
وقال في [متجدّدات] (a) سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة: وجرى الأمر في النّوروز على العادة من رشّ الماء، واستجدّ فيه هذا العام التراجم بالبيض والتّصافح بالأنطاع، وانقطع النّاس عن التّصرّف، ومن ظفر به في الطّريق رشّ بمياه نجسة وخرق به (٢).
وقال كاتبه (b): إنّ أوّل من اتّخذ النّوروز جمشيد - ويقال في اسمه أيضا: جمشاد - أحد ملوك الفرس الأول، ومعناه:«اليوم الجديد». وللفرس فيه آراء وأعمال على مصطلحهم، غير أنّه في غير هذا اليوم.
وقد صنّف عليّ بن حمزة الأصفهاني كتابا مفيدا في أعياد الفرس (٣).
وذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر، من طريق حمّاد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: كان اليوم الذي ردّ اللّه فيه إلى سليمان بن داود خاتمه يوم النّوروز، فجاءت إليه الشّياطين بالتّحف، وكانت تحفة الخطاطيف أن جاءت بالماء في مناقيرها فرشّته بين يدي سليمان. فاتّخذ النّاس رشّ الماء من ذلك اليوم (٤).
وعن مقاتل بن سليمان قال: سمّي ذلك اليوم نيروزا، وذلك أنّه وافق هذا اليوم الذي يسمّونه النّيروز، فكانت الملوك تتيمّن بذلك اليوم، واتّخذوه عيدا، وكانوا يرشّون الماء في ذلك اليوم ويهدون كفعل الخطّاف، ويتيمّنون بذلك.
وللّه درّ القائل:
(a) إضافة مما تقدم. (b) بولاق: مؤلفه. (١) فيما تقدم ٧٢٨: ١ - ٧٢٩. (٢) المقريزي: السلوك ١٣٦: ١ - ١٣٧، وفيما تقدم ٧٢٩: ١. (٣) أورد المقريزي ذلك فيما تقدم ٧٢٦: ١ نقلا من كتاب «أعياد الفرس» لحمزة الأصفهاني. (٤) فيما تقدم ٧٢٥: ١.