الحاصل بالبستان الكبير والمحصّل إلى آخر الأيام الآمرية - وهي سنة أربع وعشرين وخمس مائة - ثمان مائة وأحد عشر رأسا من البقر، ومن الجمال مائة وثلاثة رءوس، ومن العمّال وغيرهم ألف رجل.
وذكر أنّ الذي دار سور البساتين (a)، ومن سنط وجمّيز وأثل، من أوّل حدّهما الشرقي - وهو ركن بركة الأرمن - مع حدّهما البحريّ والغربيّ جميعا، إلى آخر زقاق الكحل في هذه المسافة الطّويلة سبعة عشر ألف ألف (b) ومائتي شجرة، وبقي قبلهما جميعا لم يحصّن. وأنّ السّنط تعطّن (c) حتى لحق بالجمّيز في العظم، وأنّ معظم قرظه يسقط إلى الطّريق فيأخذه النّاس، وبعد ذلك يباع بأربع مائة دينار. وكان به كلّ ثمرة لها دويرة مفردة، وعليها سياج، وفيها نخل منقوش في ألواح عليها برسم الخاصّ، لا تجنى إلاّ بحضور المشارف، وكان فيهما ليمون تفّاحي يؤكل بقشره بغير سكّر.
وأقام هذان البستانان بيد الورثة الجيوشية مع البلاد التي لهم مدّة أيام الوزير المأمون، لم تخرج عنهم، وكشف ذلك في أيام الخليفة الحافظ، فكان فيها ستّ مائة رأس من البقر، وثمانون جملا. وقوّم ما عليهما من الأثل والجمّيز، فكانت قيمته مائتي ألف دينار.
وطلب الأمير شرف الخلافة بنا (d) - وكانت له حرمة عظيمة - من الخليفة الحافظ قطع شجرة واحدة من سنط، فأبى عليه، فتشفّع إليه وقوّمت بسبعين دينارا، فرسم الخليفة إن كانت وسط البستان تقطع وإلاّ فلا.
ولمّا جرى في آخر أيام الحافظ ما جرى من الخلف، ذبحت أبقاره وجماله، ونهبت ما فيه من الآلات والأنقاض، ولم يبق إلاّ الجمّيز والسّنط والأثل لعدم من يشتريه (١). انتهى.
وكان هذان البستانان من جملة «الحبس الجيوشي»؛ وهو أنّ أمير الجيوش بدرا الجمالي حبس عدّة بلاد وغيرها - منها في البرّ الشّرقي ناحية بهتيت والأميريّة والمنية، وفي البرّ الغربي ناحية سفط ونهيا ووسيم - مع هذين البستانين المذكورين على عقبه. فاستأجر هذا الحبس الوزراء
(a) بولاق: البستانين. (b) ألف الثانية ساقطة من ابن عبد الظاهر. (c) النسخ: تعقر، بولاق: تغصن والمثبت من ابن عبد الظاهر. (d) بولاق: الأمير شرف الدين. (١) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٣٩ - ١٤٠؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٨٩ - ٣٩١.