برطانية، وهي آخر المعمور من الشّمال، وهو من الأميال ثلاثة آلاف وسبع مائة وأربعة وستون ميلا (١).
فإذا ضربنا هذا السّدس الذي هو مساحة العرض (a) في النصف وهو قدر (b) الطّول، كان المعمور من الشّمال قدر نصف سدس الأرض (٢). وأمّا الطّول فإنّه يقلّ لتضايق أقسام كرة الأرض، ومقداره مثل خمس الدور، وهو بالتقريب أربعة آلاف وثمانون ميلا.
وفي الرّبع المسكون من الأرض سبعة أبحر كبار، وفي كلّ بحر منها عدّة جزائر، وفيه خمسة عشر بحيرة منها ملح وعذب، وفيه مائتا جبل طوال، ومائتا نهر وأربعون نهرا طوالا، ويشتمل على سبعة أقاليم تحتوي على سبعة عشر ألف مدينة كبيرة.
وقال في كتاب هروشيوش (٣): لمّا استقامت طاعة يوليس الملقّب «قيصر» الملك، في عامّة الدّنيا، تخيّر أربعة من الفلاسفة سمّاهم، فأمرهم أن يأخذوا له وصف حدود الدّنيا وعدّة بحارها وكورها أرباعا. فولى أحدهم أخذ وصف جزء المشرق، وولي آخر أخذ وصف جزء المغرب، وولي آخر (c) أخذ (d) وصف جزء الشّمال، وولي الرابع أخذ (d) وصف جزء الجنوب، فتمّت كتابة الجميع على أيديهم في نحو من ثلاثين سنة. فكانت جملة البحار المسمّاة في الدّنيا تسعة وعشرين قد سمّوها (٤): منها لجزء (e) الشّرق ثمانية، ولجزء (e) الغرب ثمانية، ولجزء (e) الشّمال أحد عشر، ولجزء (e) الجنوب اثنان. وعدّة الجزائر المعروفة الأمّهات إحدى وسبعون جزيرة: منها في الشّرق ثمان، وفي الغرب ستّ عشرة، وفي جهة الشّمال إحدى وثلاثون، وفي جهة الجنوب ستّ عشرة.
(a) بولاق: مساحة عرض الأرض. (b) بولاق والمسعودي: مقدار. (c) بولاق: الثالث. (d) ساقطة من الأصل. (e) في الأصل وبولاق: بجزء والتصويب من الترجمة العربية لكتاب أوروسيوس. (١) قارن المسعودي: مروج الذهب ٩٩: ١. (٢) المسعودي: مروج الذهب ٩٩: ١ - ١٠٠. (٣) هو المؤلف الأسباني باولوس أوروسيوس Paulus Orosius الذي عاش في القرنين الرابع والخامس بعد الميلاد، كلّفه القديس أو غسطين St.Augustin بكتابة مختصر للتاريخ العام للإنسانية منذ البداية وحتى سنة ٤١٦ ميلادية أتمّه سنة ٤١٨ م، وعنوانه باللاتينية. Historica Adversus Paganos وعرف المؤرخون العرب هذا الكتاب عن طريق ترجمة عربية تمت في الأندلس عن الأصل اللاتيني في زمن الخليفة الأموي الحكم الثاني المستنصر باللّه (٣٥٠ - ٣٦٦ هـ/ ٩٦١ - ٩٧٦ م). وورد اسم المؤلف في الكتب العربية على صور مختلفة: هروسيوس، هروشيوش، هروسيس (انظر دراسة مصادر المقريزي في المقدمة). (٤) في ترجمة كتاب هروشيوش: «وقد سموها في مواضعها وتركنا ذكرها إذ كانت أسماؤها غير معروفة في اللسان العربي». (أوروسيوس: تاريخ العالم ٧٣).