واستمرّ تنفيذ الأمور إليه إلى أن استهلّ ذو الحجّة، ففي يوم الجمعة ثانيه خلع عليه من الملابس الخاصّ [الشّريفة] (a) في فرد كمّ مجلس اللّعبة، [وطوّق ب] (a) طوق ذهب مرصّع وسيف ذهب كذلك، وسلّم على الخليفة.
وتقدّم الأمر للأمراء وكافّة الأستاذين المحنّكين بالخروج بين يديه، وأن يركب من المكان الذي كان الأفضل يركب منه، ومشى في ركابه القوّاد على عادة من تقدّمه، وخرج بتشريف الوزارة، ودخل من باب العيد راكبا. ووصل إلى داره، فضاعف الرّسوم وأطلق الهبات.
فلمّا كان يوم الاثنين خامسه، اجتمع الأمراء بين يدي الخليفة، وأحضر السّجلّ في لفافة خاصّ مذهبة، فسلّمه الخليفة له من يده، فقبّله وسلّمه لزمام القصر، فأمره الخليفة بالجلوس إلى جانبه عن يمينه، وقرئ السّجلّ على باب المجلس، وهو أوّل سجلّ قرئ هناك، وكانت سجلاّت الوزراء قبل ذلك تقرأ بالإيوان (١).
ورسم للشّيخ أبي الحسن بن أبي أسامة، كاتب الدّست، أن ينقل نسبة الأمراء والمحنّكين من الآمري إلى المأموني، وكذا النّاس أجمع، ولم يكن أحد ينتسب إلى الأفضل ولا لأمير الجيوش، وقدّمت له الدّواة فعلّم في مجلس الخليفة. ونعت ب «السّيّد الأجلّ المأمون تاج الخلافة، وجيه الملك، فخر الصّنائع، ذخر أمير المؤمنين عزّ الإسلام، فخر الأنام نظام الدّين، أمير الجيوش، سيف الإسلام ناصر الإمام (b)، كافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة المؤمنين».
وكان يجلس بداره في يومي الأحد والأربعاء للراحة والنّفقة في العسكر الفارس (c) البساطيّة إلى الظّهر، ثم يرفع النّفقة ويحطّ السّماط، ويجلس بعد العصر والكتّاب بين يديه، فينفق في الراجل إلى آخر النّهار.
وفي يوم الجمعة يطلق للمقرئين بحضرته خمسة دنانير، ولكلّ من هو مستمرّ القراءة على بابه من الضّعفاء والأجراء ممّا هو ثابت بأسمائهم خمس مائة درهم، ولبقيّة الضّعفاء والمساكين خمس مائة درهم أخرى. فإذا توجّه يوم الجمعة إلى القرافة يكون المبلغ المذكور مستقرّا لأربابه.
(a) زيادة من المقفى الكبير. (b) بولاق: الأنام. (c) ساقطة من بولاق. (١) فيما تقدم ٤٤٧.