للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعرفت بدار المظفّر، وما زال بها حتى مات وقبر بها، وإلى اليوم قبره بها، وتسمّيه العامّة جعفرا الصّادق (١).

ولمّا مات المظفّر اتّخذت داره المذكورة دار ضيافة برسم الرّسل الواردين من الملوك، واستمرّت كذلك إلى أن انقرضت الدّولة، فأنزل بها السّلطان صلاح الدّين أولاد العاضد، إلى أن نقلهم إلى قلعة الجبل الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب.

فلمّا كان في سنة تسع وسبعين وست مائة، تقدّم أمر الملك المنصور قلاوون لوكيل بيت المال القاضي مجد الدّين عيسى بن الخشّاب، ببيع دار المظفّر، فباع القاعة الكبرى وما هو من حقوقها، وبيعت دار المظفّر الصّغرى، وهدمها النّاس وبنوا في مكانها دورا.

وموضعها الآن دار قاضي القضاة شمس الدين محمد الطرابلسي الحنفي، وما بجوارها إلى الدار التي بها سكني اليوم (٢)، وهي من حقوق دار المظفّر الصّغرى، على ما في كتبها القديمة.

ولمّا أنشأ قاضي القضاة شمس الدين المذكور داره في سنة سبع، أو سنة ثمان وثمانين وسبع مائة، ظهر من تحت الأرض عند حفر الأساس حجر عظيم، قيل إنّه عتبة دار المظفّر الكبرى.

وكان إذ ذاك الأمير جهاركس الخليلي يتولّى عمارة مدرسة الملك الظّاهر برقوق التي في خطّ بين القصرين (٣)، فلمّا بلغه خبر هذا الحجر بعث إليه، وأمر بجرّه إلى العمارة، فعمل عتبة باب المزمّلة التي للمدرسة.

وكان من وراء هذه الدّار رحبة الأفيال، أدركتها ساحة ثم عمّر فيها.

قال ابن الطّوير: الخدمة المعروفة ب «النّيابة للقاء المترسّلين (a)» - وهي خدمة جليلة - يقال لمتولّيها: «النّائب»، وينعت ب «عديّ الملك»، وهو ينوب عن صاحب الباب (٤) في لقاء الرّسل الوافدين عن مسافة، وإنزال كلّ واحد في دار تصلح له، ويقيم له من يقوم بخدمته، وله نظير في دار الضّيافة - وهو يسمّى اليوم بمهمندار - ويرتّب لهم ما يحتاجون إليه، ولا يمكّن أحدا من


(a) بولاق: المرسلين.
(١) فيما يلي ٥٢: ٢ - ٥٣.
(٢) عن دار المقريزي بحارة برجوان انظر فيما يلي ٢٥٣: ٢، ومقدمة المجلد الأول ٣٩: ١ *.
(٣) فيما يلي المسودة.
(٤) صاحب الباب. من الأمراء المطوّقين وهي وظيفة تلي رتبة الوزارة ويقال لها: الوزارة الصغرى (ابن الطوير: نزهة المقلتين ١٢٢؛ Ayman F.Sayyid، El ٢ art.S?hib al- b?b VIII p. ٨٦٠؛ وفيما تقدم ٣٣٩).