له من الأمور ويمتنع برأيه من الخطأ؛ وقيل مشتقّ من الأزر - بفتح الهمزة وسكون الزاي - فكأنّ الوزير يشدّ أزر الخليفة ويقوّيه، ومن هنا ذهب بعضهم إلى أنّ الواو في الوزير بدل من الهمزة، ويقال الوزارة - بكسر الواو وفتحها - والكسر أفصح e.
أمّا المعزّ لدين اللّه، أوّل الخلفاء الفاطميين بديار مصر، فإنّه لم يوقّع اسم الوزارة على أحد في أيامه. وأوّل من قيل له الوزير في الدّولة الفاطمية الوزير يعقوب بن كلّس، وزير العزيز باللّه أبي منصور نزار بن المعزّ، وإليه تنسب الحارة الوزيريّة، كما ستقف عليه عند ذكر الحارات من هذا الكتاب (١). فلمّا مات ابن كلّس لم يستوزر العزيز باللّه بعده أحدا، وإنّما كان رجل يلي الوساطة والسّفارة، فاستقرّ في ذلك جماعة كثيرة بقيّة أيام العزيز وسائر أيام ابنه أبي عليّ منصور الحاكم بأمر اللّه.
ثم ولي الوزارة أحمد بن عليّ الجرجرائي في أيام الظّاهر أبي هاشم عليّ بن/ الحاكم (٢). وما زال الوزراء من بعده واحدا بعد واحد - وهم أرباب أقلام - حتى قدم أمير الجيوش بدر الجمالي.
قال ابن الطّوير: وكان من زيّ هؤلاء الوزراء أنّهم يلبسون المناديل الطّبقيات - يعني العمائم بالأحناك تحت حلوقهم مثل العدول الآن - وينفردون بلبس ثياب (a) يقال لها: «الدّراريع»(٣)(واحدتها درّاعة) وهي مشقوقة أمام وجهه إلى قريب من رأس الفؤاد بأزرار وعرى، ومنهم من تكون أزراره من ذهب مشبّك، ومنهم من أزراره لؤلؤ، وهذه علامة الوزارة.
ويحمل له الدّواة المحلاّة بالذّهب، ويقف بين يديه الحجّاب، وأمره نافذ في أرباب السّيوف من الأجناد وأرباب الأقلام. وكان آخرهم الوزير ابن المغربي (٤) الذي قدم عليه أمير الجيوش بدر
(a) بولاق: ثياب قصار. (١) فيما يلي ٥: ٢. (٢) في سنة ٤١٨ هـ/ ١٠٢٧ م، حيث أصبحت الوزارة منذ هذا التاريخ منصبا وتكليفا، وكانت كل مسئوليات وزير التنفيذ مسئوليات إدارية فقط، فلا يشير سجل تولية الجرجرائي المؤرخ في ذي الحجة سنة ٤١٨ هـ (أورد نصه ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق ٨١) إلى أية مسئوليات عسكرية أو قضائية. (٣) درّاعة ج. دراريع. هي اللباس المعروف بالجبّة أو الفرجيّة وهي من خصائص لباس المشايخ وأرباب العمائم في العصور الإسلامية Mayer L، A.، Mamluk Costume،) (Geneve ١٩٥٢، pp. ١٥ - ١٦. (٤) الوزير أبو الفرج محمد بن جعفر المغربي، أحد أفراد أسرة لعبت دورا كبيرا في الحياتين السياسية والثقافية في العراق ومصر في القرنين الرابع والخامس للهجرة. تولى الوزارة أول