والذي تدلّ عليه كتب ابتياعات الأملاك القديمة التي بتلك الخطّة أنّها من بناء الأفضل لا من عمارة أبيه بدر. والدّار التي عمّرها أمير الجيوش بدر هي داره بحارة برجوان التي قيل لها دار المظفّر (١).
وما زالت وزراء الدّولة الفاطميّة أرباب السّيوف من عهد الأفضل ابن أمير الجيوش، يسكنون بدار الوزارة هذه إلى أن زالت الدّولة، فاستقرّ بها السّلطان الملك النّاصر صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، وابنه من بعده الملك العزيز عثمان، ثم ابنه الملك المنصور، ثم الملك العادل أبو بكر بن أيّوب، ثم ابنه الملك الكامل، وصاروا يسمّونها «الدّار السّلطانيّة».
موقع دار الوزارة الكبرى من القاهرة الفاطمية
وأوّل من انتقل عنها من الملوك وسكن بالقلعة الملك الكامل ناصر الدّين محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيّوب، وجعلها منزلا للرسل (٢).
فلمّا ولي قطز سلطنة ديار مصر وتلقّب بالملك المظفّر في سنة سبع وخمسين وستّ مائة، وحضر إليه البحريّة - وفيهم بيبرس البندقداري وقلاوون الألفي - من الشّام، خرج الملك المظفّر قطز إلى لقائهم، وأنزل الأمير ركن الدّين بيبرس بدار الوزارة، فلم يزل بها حتى سافر صحبة قطز إلى الشّام وقتله، وعاد إلى مصر فتسلطن وسكن بقلعة الجبل.
وفي سنة ثلاث وتسعين وستّ مائة لمّا قتل الأشرف خليل بن قلاوون في واقعة بيدرا، ثم قتل بيدرا وأجلس الملك النّاصر محمّد بن قلاوون على تخت الملك (٣)، وثارت الأشرفيّة من المماليك
(١) ابن الطوير: نزهة المقلتين ٣١ - ٣٢؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٢٥٢ - ٢٥٣؛ وفيما يلي ٥٠٨ - ٥٠٩؛ Fu'?d Sayyid، A.، op.cit.، pp. ٤٣١ - ٣٢، ٥٣١ - ٣٢. (٢) فيما تقدم ٢٢٣، وفيما يلي ٢٠٣: ٢. (٣) بيدرا بن عبد اللّه المنصوري نائب السلطنة في الدولة الأشرفية خليل بن قلاوون، تولّى نيابة السلطنة عوضا عن الأمير طرنطاى سنة ٦٨٩ هـ/ ١٢٩٠ م، ثم خرج على الأشرف خليل وقتله بالاشتراك مع الأمير حسام الدين خليل سنة