الرّسم المطلق للمتصدّرين والقرّاء الخاصّ والوعّاظ والشّعراء وغيرهم على ما جرت به عادتهم (١).
قال: وفي ليلة عاشوراء - من سنة سبع عشرة وخمس مائة - اعتمد الأجلّ الوزير المأمون الوزير (a) على السّنّة الأفضليّة من المضيّ فيها إلى التّربة الجيوشية، وحضور جميع المتصدّرين والوعّاظ وقرّاء القرآن إلى آخر الليل، وعوده إلى داره. واعتمد في صبيحة الليلة المذكورة مثل ذلك، وجلس الخليفة على الأرض متلثّما بزيّ (b) الحزن، وحضر من شرف بالسّلام عليه والجلوس على السّماط بما جرت به العادة (٢).
قال ابن الطّوير: إذا كان اليوم العاشر من المحرّم احتجب الخليفة عن النّاس، فإذا علا النّهار ركب قاضي القضاة والشّهود وقد غيّروا زيّهم - فيكونون كما هم اليوم - ثم صاروا إلى المشهد الحسيني - وكان قبل ذلك يعمل في الجامع الأزهر - فإذا جلسوا فيه ومن معهم من قرّاء الحضرة والمتصدّرين في الجوامع، جاء الوزير فجلس صدرا، والقاضي والدّاعي من جانبيه، والقرّاء يقرأون نوبة بنوبة، وينشد قوم من الشّعراء غير شعراء الخليفة شعرا يرثون به أهل البيت ﵈.
فإن كان الوزير رافضيّا تغالوا، وإن كان سنّيّا اقتصدوا (٣). ولا يزالون كذلك إلى أن تمضي ثلاث ساعات، فيستدعون إلى القصر بنقباء الرّسائل، فيركب الوزير وهو بمنديل صغير إلى داره، ويدخل قاضي القضاة والدّاعي ومن معهما إلى باب الذّهب فيجدون الدّهاليز قد فرشت مساطبها بالحصر بدل البسط، وينصب في الأماكن الخالية من المصاطب دكك لتلحق بالمساطب وتفرش (c)، ويجدون صاحب الباب جالسا هناك فيجلس القاضي والدّاعي إلى جانبه، والنّاس على اختلاف طبقاتهم، فيقرأ القرّاء وينشد المنشدون أيضا، (d) ثم يفرش وسط القاعة بالحصر المقلوبة ليس على وجوهها وإنّما تخالف مقاربتها (d)، ثم يفرش عليها «سماط الحزن» مقدار ألف زبدية من العدس والملوحات والمخلّلات والأجبان والألبان السّاذجة والأعسال النّحل والفطير والخبز المغيّر لونه بالقصد. فإذا قرب الظّهر وقف صاحب الباب وصاحب المائدة، وأدخلا (e)/ النّاس للأكل منه. فيدخل القاضي والدّاعي، ويجلس صاحب الباب نيابة عن الوزير،
(a) ساقطة من بولاق وليدن. (b) بولاق وليدن: يرى به. (c) بولاق: لتفرش. (d) (d-d) ساقطة من بولاق وليدن. (e) بولاق وليدن: أدخل. (١) ابن المأمون: أخبار مصر ٣٥. (٢) نفسه ٥٩. (٣) حدث هذا التمييز منذ أن ولي الوزارة الوزير السني رضوان بن ولخشي سنة ٥٣١ هـ.