للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت خزانة البنود ملاصقة للقصر الكبير ومن حقوقه فيما بين قصر الشّوك وباب العيد، بناها الخليفة الظّاهر لإعزاز دين اللّه أبو هاشم عليّ بن الحاكم بأمر اللّه، وكان فيها ثلاثة آلاف صانع مبرّزين في سائر الصّنائع، (a) على ما ذكر ابن أبي طيّ في «تاريخه» (a) (١).

وكانت أيام الظّاهر هذا سكونا وطمأنينة، وكان مشتغلا بالأكل والشّرب والنّزه وسماع الأغاني. وفي زمانه تأنّق أهل مصر والقاهرة في اتّخاذ المغاني (b) والرّقّاصات، وبلغ من ذلك المبالغ العجيبة، واتّخذت له حجر (c) المماليك، وكانوا يعلّمونهم فيها أنواع العلوم وأنواع آلة الحرب، وصنوف حيلها من الرّماية والمطاعنة والمسابقة وغير ذلك، (d) ذكر ذلك ابن أبي طيّ في سنة ٤٢٧ (d) (٢).

وقال في كتاب «الذّخائر والتّحف (d) وما كان بالقصر من ذلك» وهو جمع بعض المصريين مجهول المصنّف وفيه فوائد جمّة ومنه نقلت ما نصّه (d): ولمّا وهب السّلطان - يعني الخليفة المستنصر - لسعد الدّولة المعروف ب «سلام عليك»، ما في خزانة البنود من جميع المتاع والآلات وغير ذلك، في اليوم السّادس من صفر سنة إحدى وستين وأربع مائة، حمل جميعه ليلا. وكان فيما وجد/ سعد الدّولة فيها ألف وتسع مائة درقة لمطي (e)، إلى ما سوى ذلك من آلات الحرب وما سواه وغير ذلك من القضب الفضّة والذّهب والبنود وما سواه. وفي خلال ذلك سقط من بعض الفرّاشين نقط شمع يتوقّد نارا، فصادف هناك أعدال كتّان ومتاعا كثيرا، فاحترق جميعه.

وكانت لتلك غلبة عظيمة وخوف شديد فيما يليها من القصر ودور العامّة والأسواق (٣).

وأعلمني من له خبرة بما كان في خزانة البنود أنّ مبلغ ما كان فيها من سائر الآلات والأمتعة والذّخائر لا تعرف (f) له قيمة عظما، وأنّ المنفق فيها كلّ سنة من سبعين ألف دينار إلى ثمانين


(a) (a-a) إضافة من المسودة، وفي الأصول: قال ابن أبي طيّ: خزانة البنود أنشأها الظاهر لإعزاز دين اللّه بن الحاكم وكان فيها ثلاثة آلاف صانع مبرزين في سائر الصنايع.
(b) بولاق: الأغاني.
(c) بولاق: حجرة.
(d) (d-d) إضافة من المسودة.
(e) ساقطة من بولاق.
(f) بولاق: يعرف.
(١) كانت خزانة البنود تكوّن القسم الأكبر من المباني التي يحدها اليوم من الشمال شارع قصر الشوق ومن الشرق امتداد نفس الشارع ودرب القزّازين ومن الجنوب عطفة القزازين. ويقسم هذه المباني درب عليّ الدين الذي يخترقها من الشرق إلى الغرب (راجع (Fu'?d Sayyid، A.، op.cit.، pp. ٢٦٨ - ٦٩.
(٢) المقريزي: مسودة المواعظ ١٤١.
(٣) الرشيد بن الزبير: الذخائر والتحف ٢٥١؛ المقريزي: مسودة المواعظ ١٤١ - ١٤٢، اتعاظ الحنفا ٢٨٠: ٢.