عندمي بلطيف منقار بقمي، ومبرقش ومقمّع، ومعمّم ومقنّع، وأشقري منقّش، وأرقش مرشّش، وعودي وهندي، وصيني مسني، وعينين كياقوتتين قد رصّعتا في لجين، وكم من طائر أبهى من قمر سائر، يفرق مثل الصّبح سافر.
فتراهنّ في الماء صموتا وقوفا، صفوفا عكوفا، كصور أصنام، أو حجارة مبدؤة في آكام، وكم من أطيار ظراف ملاح لطاف، ذوات ألحان ونضرة وألوان، وخلق وأخلاق، ونطق وأطواق، وإيناس مع شمّاس، قد ازدانت الأرض بأصواتهم واختلاف لغاتهم وعجائب صفاتهم (a)، فبرزت بأنواع الأعاجيب، وتجلّت بأجمل الجلابيب، وأبدعت في صور الإحسان، وتصوّرت في بدائع الألوان.
فإذا بدت زرقاء في زهر كتّانها، مذهّبة بأزهار لبسانها/ مفضّضة بنجوم أقحوانها، خلعت السّماء عليها خلعة جميل أردانها. وإذا فاح نشر نوّار قرطها، شممت المسك الذّكيّ من مرطها، ورأيت لآلئ سمطها مبسوطة على خضر بسطها، ومغالاتها بغالية نور فولها، وهباتها إذا رفل النّسيم في ذيولها، قد رصّعت أغصانه بفصوص لجينها، ونقّطته من حسنها بسواد عينها: فعيونه كعيون غزلانها في فتكها، وأحداقه كأحداق ولدانها من تركها.
وكم لها من طرّة معنبرة، وجبهة منوّرة، ووجنة مزعفرة، وملاءة منشورة معصفرة، وخدّ مورّد، وطرف مهنّد، ولمائها صنيع من عقيق الشّقيق، وسكرها من ذلك الرّيق على التّحقيق.