أصحاب السّلطان، فلمّا زالت (a) الدولة الفاطمية باستيلاء السّلطان الملك النّاصر صلاح الدّين يوسف بن أيّوب بن شاذي في سنة سبع وستين وخمس مائة، فنقلها عمّا كانت عليه من الصّيانة وجعلها مبتذلة (b) وصيّرها مدينة (b) لسكن العامّة والجمهور، وحطّ من مقدار قصور الخلافة وأسكن في بعضها، وتهدّم البعض وأزيلت معالمه وتغيّرت معاهده فصارت خططا وحارات وشوارع ومسالك وأزقّة.
ونزل السّلطان منها في دار الوزارة الكبرى حتى بنيت قلعة الجبل، فكان السّلطان صلاح الدّين يتردّد إليها ويقيم بها، وكذلك ابنه الملك العزيز عثمان وأخوه الملك العادل أبو بكر. فلمّا كان الملك الكامل ناصر الدّين محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب، تحوّل من دار الوزارة إلى القلعة وسكنها، ونقل سوق الخيل والجمال والحمير إلى الرّميلة تحت القلعة (١).
فلمّا خرب المشرق والعراق، بهجوم عساكر التّتر (c) منذ كان جنكز خان في أعوام بضع عشرة وستّ مائة، إلى أن قتل الخليفة المستعصم ببغداد في صفر سنة ستّ وخمسين وستّ مائة، كثر قدوم المشارقة/ إلى مصر، وعمرت حافتي الخليج الكبير وما دار على بركة الفيل، وعظمت عمارة الحسينيّة (٢).
فلمّا كانت سلطنة الملك النّاصر محمد بن قلاوون الثالثة بعد سنة إحدى عشرة وسبع مائة، واستجدّ بقلعة الجبل المباني الكثيرة من القصور وغيرها، حدثت فيما بين القلعة وقبّة النّصر عدّة ترب، بعد ما كان ذلك المكان فضاء يعرف بالميدان الأسود وميدان القبق (٣). وتزايدت العمائر بالحسينيّة حتى صارت من الرّيدانيّة إلى باب الفتوح.
وعمر جميع ما حول بركة الفيل والصّليبة إلى جامع ابن طولون، وما جاوره إلى المشهد النّفيسي، وحكر النّاس أرض الزّهريّ وما قرب منها، وهو من قناطر السّباع إلى منشأة المهرانيّ، ومن قناطر السّباع إلى البركة النّاصريّة إلى اللّوق إلى المقس. فلمّا حفر الملك النّاصر محمد بن قلاوون
(a) في النسخ: إلى أن انقرضت وجاء على هامش آياصوفيا: يحرر محله: فلما زالت الدولة. (b) (b-b) ساقطة من بولاق. (c) آياصوفيا: الططر. (١) فيما يلي ٤٣٩؛ ٢٠٣: ٢. (٢) فيما يلي ٢٢: ٢. (٣) فيما يلي ١١١: ٢.