للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّور جامعا وقصرا، وأعدّها معقلا يتحصّن به وتنزله عساكره، واحتفر الخندق من الجهة الشّاميّة ليمنع اقتحام عساكر القرامطة إلى القاهرة وما وراءها من المدينة.

وكان مقدار القاهرة حينئذ أقلّ من مقدارها اليوم، فإنّ أبوابها كانت من الجهات الأربعة:

ففي الجهة القبليّة - التي تفضي بالسّالك منها إلى مدينة مصر - بابان متجاوران يقال لهما «بابا زويلة»، وموضعهما الآن بحذاء المسجد الذي تسمّيه العامّة بسام بن نوح، ولم يبق إلى هذا العهد سوى عقده، ويعرف بباب القوس. وما بين باب القوس هذا وباب زويلة الكبير ليس هو من المدينة التي أسّسها القائد جوهر، وإنّما هي زيادة حدثت بعد ذلك.

وكان في جهة القاهرة البحريّة - وهي التي يسلك منها إلى عين شمس - بابان: أحدهما «باب النّصر» وموضعه بأوّل الرّحبة التي قدّام الجامع/ الحاكمي الآن، وأدركت قطعة منه كانت قدّام الرّكن الغربي من المدرسة القاصديّة. وما بين هذا المكان وباب النّصر الآن ممّا زيد في مقدار القاهرة بعد جوهر.

والباب الآخر من الجهة البحريّة «باب الفتوح»، وعقده باق إلى يومنا هذا مع عضادته (١) اليسرى وعليه أسطر مكتوبة بالقلم الكوفي. وموضع هذا الباب الآن بآخر سوق المرحّلين وأوّل رأس حارة بهاء الدين ممّا يلي باب الجامع الحاكمي. وما (a) بين هذا العقد وباب الفتوح، من الزّيادات التي زيدت في القاهرة من بعد جوهر.

وكان في الجهة الشّرقيّة من القاهرة - وهي الجهة التي يسلك منها إلى الجبل - بابان أيضا (b):

أحدهما يعرف الآن ب «الباب المحروق»، والآخر يقال له «باب البرقيّة»، وموضعهما دون مكانهما الآن. ويقال لهذه الزّيادة من هذه الجهة «بين السّورين». وأحد البابين القديمين موجود إلى الآن أسكفّته (٢).


(a) بولاق: وفيما.
(b) ساقطة من بولاق.
(١) عضادة (Jambage) مدماك التأسيس، وهي هنا كتف الباب أو ركيزته أي جانبا إطار الباب (عبد الرحيم غالب: موسوعة العمارة الإسلامية ٢٧٥؛ محمد محمد أمين وليلى علي إبراهيم: المصطلحات المعمارية في الوثائق المملوكية ٨١).
(٢) أسكفّة. العتبة العليا للباب، وهي حجر مستطيل الشكل يساعد مع العضادتين على حمل جدار واجهة أي مبنى.