سنة ستّ وخمسين، كما ذكر في خبره عند ذكر الجوامع (١).
فقام من بعده ابنه رزّيك بن طلائع وحسنت سيرته، فعزل شاور بن مجير السّعدي عن ولاية قوص، فلم يقبل العزل، وحشد وسار على طريق الواحات في البرّيّة إلى ترّوجة، فجمع الناس وسار إلى القاهرة، فلم يثبت رزّيك وفرّ، فقبض عليه بإطفيح (٢).
واستقرّ شاور في الوزارة لأيام خلت من صفر سنة ثمان وخمسين، فأقام إلى أن ثار ضرغام صاحب الباب، ففرّ منه إلى الشّام، واستبدّ ضرغام بالوزارة فقتل أمراء الدولة، وأضعفها بسبب ذهاب أكابرها. فقدم الفرنج ونازلوا مدينة بلبيس مدّة، ودافعهم المسلمون عدّة مرار حتى عادوا إلى بلادهم بالسّاحل، ورجع العسكر إلى القاهرة وقد قتل منهم كثير.
فوصل شاور بعساكر الشّام في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين، فحاربه ضرغام على بلبيس بعساكر مصر، وكانت لهم معه معارك انهزموا في آخرها، وغنم شاور ومن معه سائر ما خرجوا به - وكان شيئا جليلا - فسرّوا بذلك، وساروا إلى القاهرة فكانت بين الفريقين حروب آلت إلى هزيمة ضرغام وقتله في شهر رمضان منها.
فاستولى شاور على الوزارة مرّة ثانية، واختلف مع الغزّ القادمين معه من الشّام، وكانت له معهم حروب آلت إلى أنّ شاور كتب إلى مرّي [Amaury] ملك الفرنج يستدعيه إلى القاهرة، ليعينه على محاربة شير كوه ومن معه من الغزّ. فحضر وقد صار شير كوه في مدينة بلبيس. فخرج شاور من القاهرة، ونزل هو ومرّي [Amaury] على بلبيس، وحصروا شير كوه ثلاثة أشهر، ثم وقع الصّلح، فسار شير كوه بالغزّ إلى الشّام، ورحل الفرنج، وعاد شاور إلى القاهرة في سنة ستين وخمس مائة، فلم يزل إلى أن قدم شير كوه من الشّام بالعساكر مرّة ثانية في ربيع الآخر. فخرج شاور من القاهرة إلى لقائه، واستدعى مرّي [Amaury] ملك الفرنج، فسار شير كوه على الشّرق وخرج من إطفيح، فسار إليه شاور بالفرنج، وكانت له معه الوقعة المشهورة، فسار شير كوه بعد الوقعة من الأشمونين وأخذ الإسكندرية، وعاد شاور إلى القاهرة (٣).
= النجوم الزاهرة ٣٣٤: ٥ - ٣٨٩؛ Wiet، G.، El ٢ art.al-Adid I، pp. ٢٠٢ - ٣. (١) فيما يلي ٢٩٣: ٢ - ٢٩٤. (٢) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٢٥٣: ٣ - ٢٥٤؛ Bianquis، Th.، El ٢ art.Ruzzik b.Tal?i VIII، pp. ٦٧٢ - ٧٣. (٣) هذه الفترة التي بدأت بعد وفاة رزّيك بن الصّالح طلائع والتي شهدت الصّراع بين الوزيرين شاور وضرغام والاستعانة بالقوى الأجنبية ممثلة في الدولة النورية من جانب ومملكة بيت المقدس المسيحية من جانب آخر، والتي أدّت إلى طمع هذه القوى في مصر بعد اطّلاعها على ضعف الدولة