التي تقام فيها الجمعة بمصر وظاهرها من الجزيرة والقرافة أربعة عشر جامعا، ومن المساجد أربع مائة وثمانين مسجدا، ومن المدارس سبع عشرة مدرسة، ومن الزّوايا ثماني زوايا، ومن الرّبط التي بمصر والقرافة بضعا وأربعين رباطا، ومن الأحباس والأوقاف كثيرا، ومن الحمّامات بضعا وسبعين حمّاما، ومن الكنائس وديارات النّصارى ثلاثين ما بين دير وكنيسة.
وقد باد أكثر ما ذكره ودثر، وسيرد ما قاله من ذلك في مواضعه من هذا الكتاب إن شاء اللّه تعالى. (a) فأمّا هاهنا فإنّي ذاكر إن شاء اللّه جملة ما عليه الحال في مدينة مصر (a)، فأقول (b) (١): إنّ مدينة مصر محدودة الآن بحدود أربعة: فحدّها الشرقيّ اليوم من قلعة الجبل وأنت آخذ إلى باب القرافة، فتمرّ من داخل السّور الفاصل بين القرافة ومصر إلى كوم الجارح، وتمرّ من كوم الجارح وتجعل كيمان مصر كلها عن يمينك حتى تنتهي إلى الرّصد حيث أوّل بركة الحبش؛ فهذا طول مصر من جهة الشّرق (c)، وكان يقال لهذه الجهة «عمل فوق»(٢).
وحدّها الغربي من قناطر السّباع خارج القاهرة إلى موردة الحلفاء، وتأخذ على شاطئ النّيل إلى دير الطّين، فهذا أيضا طولها من جهة الغرب.
وحدّها القبليّ من شاطئ النّيل بدير الطّين حيث ينتهي الحدّ الغربي، إلى بركة الحبش تحت الرّصد حيث انتهى الحدّ الشّرقي، فهذا عرض مصر من جهة الجنوب التي تسمّيها أهل مصر الجهة القبليّة.
وحدّها البحري من قناطر السّباع، حيث ابتداء الحدّ الغربي، إلى قلعة الجبل حيث ابتداء الحدّ الشرقي، فهذا عرض مصر من جهة الشّمال التي تعرف بمصر بالجهة البحريّة (٣).
وما بين هذه الجهات الأربع فإنّه يطلق عليه الآن «مصر»، فيكون أوّل عرض مصر في الغرب بحر النّيل، وآخر عرضها في الشرق أوّل القرافة، وأوّل طولها من قناطر السّباع، وآخره بركة
(a) (a-a) ساقط من بولاق. (b) في المسودة: ذكر ابن المتوج. (c) بولاق: المشرق والمثبت من المسودة. كبيرة من هذه المطابخ وهي عامرة إلى سنة ستّ وثمان مائة التي كانت منها وهلم جرّا الحوادث والفتن، فتعطّلت من حينئذ لفساد رجال الدّولة وبقيت قائمة ثم خربت في سنة إحدى وعشرين وثمان مائة وأخذت أنقاضها في مباشرة الصّاحب بدر الدّين حسن بن نصر اللّه نظر الخاصّ». (١) النص التالي هو بقية كلام ابن المتوّج حيث نقله المقريزي في المسودة ١٥ منسوبا إليه، وفي المبيضة اعتمد عليه وعدّل فيه بالإضافة والحذف وبدأه بلفظ: فأقول. (٢) انظر عن عمل فوق فيما تقدم ٣٩ هـ ٢. (٣) انظر فيما تقدم ٣٧: ١.