وتدلّ تصويبات المصحّح على أنّه كانت تحت يديه عدد من النّسخ المخطوطة أشار في بعض المواضع إلى الخلاف بينها (١). ولكنّه لم يتمكّن من الحصول على مصادر متنوّعة وموسّعة تعينه على ضبط النّصّ وتحريره واكتفى فقط بتقديم نصّ المخطوطة التي كانت بين يديه بأمانة. فكثير من أسماء الأعلام والمواضع والمصطلحات رسمت بطريقة خاطئة، كما أنّ الألفاظ التي لم تعد تستخدم في وقته أو التي تغيّر مفهومها مع الوقت كتب أغلبها بطريقة خاطئة أيضا (٢).
وحقيقة الأمر فإنّ نشرة بولاق قد اعتمدت على أكثر نسخ الحطط تشويها وتحريفا وسقطا، وقد اتّضح لي ذلك بعد أن قابلت بينها وبين النّسخ المعتبرة التي اعتمدتها أساسا لنشرتي هذه، فعائلة النّسخ التي اعتمدت عليها طبعة بولاق، استبعدتها تماما من مقابلاتي اكتفاء بنشرة بولاق التي تمثّل أنموذجا لهذه النّسخ.
وقد ظلّت نشرة بولاق هي النّشرة المعتمدة بين العلماء والباحثين في غياب نشرة نقدية أخرى، وعلى أساس هذه النّشرة المشوّهة والمليئة بالتّصحيف والتّحريف والسّقط تمّت الترجمات المتتالية لكتاب الخطط والتي سنشير إليها بعد قليل وكذلك الطّبعات التالية للكتاب، ووضعت الفهارس (الكشّافات) التي صدرت في عقد الثمانينات من القرن العشرين.
وتقع نشرة بولاق في جزأين يشتمل الجزء الأوّل على ٤٩٨ صفحة، ويشتمل الجزء الثاني على ٥٢١ صفحة غير صفحات فهرس الموضوعات والتّصويبات ومسطرتها ٣٩ سطرا في الصفحة وعدد كلمات السّطر الواحد تبلغ نحو عشرين كلمة.
وقد أعيد نشر هذه الطّبعة بطريقة الأوفست أكثر من مرّة في بغداد وبيروت والقاهرة ابتداء من عام ١٩٦٣.
واعتمد على طبعة بولاق نشرة صدرت في مصر سنة ١٣٢٤ هـ/ ١٩٠٧ م في أربعة أجزاء تعرف بطبعة النّيل وقد حوت هذه الطّبعة الكثير من الأخطاء التي أضافتها إلى أخطاء طبعة بولاق.
وفي سنة ١٩٦٣ أصدرت دار التّحررير بالقاهرة طبعة جديدة لخطط المقريزي اعتمادا أيضا على طبعة بولاق وتقع هذه الطبعة التي لم تخل هي الأخرى من الأخطاء والتّصحيفات في ثلاثة
(١) المقريزي: الخطط ١٩: ١، ٣٠٩، ٤٤: ٢، ٤٧٦. (٢) كتب المستشرق الفرنسي إيتيان كاترمير تقريرا هاما عن هذه النشرة فور صدورها انظر Quatremere.E. Journal des Savants (Paris ١٨٥٦) pp. ٣٢١ - ٣٣٧.