للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دين]

الدال والياء والنون أصلٌ واحد إليه يرجع فروعُه كلُّها.

وهو جنسٌ من الانقياد والذُّل. فالدِّين: الطاعة، يقال دان له يَدِين دِيناً، إذا أصْحَبَ وانقاد وطَاعَ. وقومٌ دِينٌ، اى مُطِيعون منقادون. قال الشاعر:

* وكانَ النّاس إلاّ نحنُ دِينا (١) *

والمَدِينة كأنّها مَفْعِلة، سمّيت بذلك لأنّها تقام فيها طاعةُ ذَوِى الأمر.

والمَدينة: الأمَة. والعَبْدُ مَدِينٌ، كأنّهما أذلّهما العمل. وقال:

رَبَتْ وَرَبَا فى حِجْرِها ابنُ مدينةٍ … يظل على مِسحاتِهِ يَترَكْلُ (٢)

فأمَّا قول القائل:

* يا دِينَ قَلْبُكَ مِنْ سَلْمَى وقد دِيناَ (٣) *

فمعناه: يا هذا دِينَ قلبُك، أى أُذِلَّ. فأمّا قولهم إنّ العادة يقال لها دينٌ، فإن كان صحيحاً فلأنَّ النفسَ إذا اعتادت شيئاً مرَّتْ معه وانقادت له. وينشدون فى هذا:

كدِينِكَ مِنْ أمِّ الحُويرِثِ قَبْلَهَا … وجارتِها أُمِّ الرَّباب بمَأْسَلِ (٤)

والرواية «كَدَأبك»، والمعنى قريبٌ.

فأمَّا قوله جلّ ثناؤُه: ﴿ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ اَلْمَلِكِ﴾، فيقال:

فى طاعته، ويقال فى حكمه. ومنه: ﴿مالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ﴾ أى يوم الحكم. وقال


(١) أنشد هذا الجزء فى اللسان (دين ٧٨ س ٤).
(٢) البيت للأخطل فى ديوانه ٥ واللسان (دين، مدن، ركل). وسبق إنشاده فى (١ ٣٣٤).
(٣) أنشد هذا الصدر فى اللسان (دين ٢٨، ٢٩).
(٤) لامرئ القيس فى معلقته.