للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بثّ

الباء والثاء أصلٌ واحد، وهو تفريق الشئ وإظهاره؛ يقال بثُّوا الخيلَ فى الغارة. وبثّ الصيَّاد كلابَه على الصَّيد. قال النابغة:

فبَثَّهُنَّ عليه واسْتَمَرّ بِهِ … صُمْعُ الكُعُوبِ بريئاتٌ من الحَرَدِ (١)

واللّه تعالى خلَقَ الخلْقَ وبثَّهمْ فى الأرض لمعاشهم. وإذا بُسِط المتاعُ بنَواحِى البيت والدّار فهو مَبثُوث. وفى القرآن: ﴿وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ أى كثيرة متفرّقة.

قال ابنُ الأعرابىِّ: تمْرٌ بَثٌّ، أى متفرِّق لم يجمعه كَنْزٌ (٢). قال: وبثَثْتُ الطَعامَ والتمرَ إذا قَلَّبْته * وألقيتَ بعضَه على بعض، وبثثْتُ الحديثَ أى نشَرْتُه. وأما البثُّ من الحزْن فمِنْ ذلك أيضاً، لأنه شئٌ يُشَتكَى ويُبَثّ ويُظهَر. قال اللّه تعالى فى قصَّة مَنْ قال: ﴿إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اَللّهِ﴾. قال أبو زيد: يقال أبَثَّ فلانٌ شُقُورَه وفُقُورَه إلى فلانٍ يُبِثّ إبثاثاً. والإبثاث أن يشكو إليه فقره (٣) وضَيعته. قال:

وأَبِكيهِ حَتَّى كاد مِمَّا أُبِثُّهُ … تُكَلِّمُنى أَحْجَارُهُ ومَلاعِبُهْ (٤)

وقالت امرأةٌ (٥) لزوجها: «واللّه لقد أطعَمْتُك مأدُومِى، وأبْثَثْتُكَ مكتُومِى، باهلاً غيرَ ذاتِ صِرار».


(١) البيت للنابغة فى ديوانه ص ١٩.
(٢) فى المجمل: «وتمر بث، إذا لم يجد كنزه فى وعائه». وفى اللسان: «وتمر بث إذا لم يجود كنزه فتفرق».
(٣) فى الأصل: «فقرته»، وليس لها وجه.
(٤) البيت لذى الرمة فى ديوانه ٢٨ برواية: «وأسقيه».
(٥) هى امرأة دريد بن الصمة. انظر الخبر فى اللسان (٧٥: ١٣).