ثمَّ حُمِل على هذا شئُ آخر، وهو قولهم أبْسَقَت الشّاةُ فهى مُبْسِقٌ إذا أنْزلَتْ لبنا مِنْ قَبْلِ الولادةِ بشَهْرٍ وأكثَرَ من ذلك فيُحْلَب. وهذا إذا صَحَّ فكأنَّها جاءت ببُساقٍ، تَشبيهاً له ببُساق الإنسان. والدَّليل على ذلك أنّهم يقولون:
الجارية وهى بِكْرٌ، يصير فى ثَدْيها لبَنٌ، فهل ذلك إلاّ كالبُساق.
قال أبو عُبيدةَ: المِبْساق التى تَدِرُّ قبل نِتاجها. وأنشَدَ - وأكثَرُ ظَنّى أنَّ هذا شعرٌ صنَعَه أبو عبيدة -:
ومُبْسِق تُحْلَبُ نِصْفَ الحَمْلِ … تدُرُّ من قبل نِتاجِ السَّخْلِ
[بسل]
الباء والسين واللام أصلٌ واحد تتقارب فُروعُه، وهو المَنْع والحبس، وذلك قولُ العرب للحرام بَسْلٌ. وكلُّ شئ امتَنَعَ فهو بَسْلٌ.
قال زُهَير:
* فإن تُقْوِيا مِنْهُمْ فإنَّهُم بَسْلُ (١) *
والبَسالة الشَّجاعة من هذا؛ لأنّها الامتناع على القِرْن. ومن هذا الباب قولهم:
وإبسالِى بَنِئَ بِغَيرِ جُرْمٍ … بَعَوْنَاهُ ولا بِدَمٍ مُرَاقِ (٣)
(١) صدره كما فى ديوانه ١٠١: * بلاد بها نادمتهم وعرفتهم *. (٢) وكذا وردت العبارة فى المجمل (بل). (٣) أنشده فى اللسان (٥٧: ١٣) برواية: « … بدم قراض». ثم قال: وفى الصحاح: « … بدم مراق». وأنشده فى اللسان (٨٠: ١٨) برواية: « … بغير بعو … جرمناه ولا بدم مراق». وفى الجمهرة (٣١٧: ١): «يصف أنه رهن بنيه فى حرب كانت بينه وبين قوم اخرين». يقال بعى الذنب يبعاه ويبعوه بعوا اجترمه واكتسبه. وقال ابن برى: «البيت لعبد الرحمن بن الأحوص». وسيأتى البيت فى مادة (بعل).