واعترف له بالأستاذية والفضل، وكان يقول فيه: «شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف، وأمن فيه من التصحيف (١)».
[شيوخ ابن فارس وتلاميذه]
كان والد أبى الحسين فقيهاً شافعياً لغوياً، وقد أخذ عنه أبو الحسين فقه الشافعى، وروى عنه في كتبه (٢). قال ابن فارس: «سمعت أبى يقول: سمعت محمد بن عبد الواحد يقول: إذا نُتِج ولدُ الناقة في الربيع ومضت عليه أيام فهو رُبَع، فإذا نُتج في الصيف فهو هُبَع، فإذا نتج بين الصيفِ والربيع فهو بُعَّة (٣)».
وأنت تجد في مقدمة ابن فارس لكتاب المقاييس نصًّا على أنه روى كتاب المنطق لابن السكيت عن أبيه فارس بن زكريا.
وكان أبوه أيضاً رجلاً أديباً راوية للشعر. قال ياقوت: «وحدث ابن فارس:
سمعت أبى يقول: حججت فلقيت ناساً من هذيل، فجاريتهم ذكر شعرائهم فما عرفوا أحداً منهم، ولكنى رأيت أمثل الجماعة رجلاً فصيحاً، وأنشدنى:
إذا لم تَحظَ في أرضٍ فدعْها … وحُثَّ اليَعمَلاتِ على وَجاها
ولا يَغررك حَظُّ أخيك فيها … إذا صفرت يمينُك مِنْ جَداها
(١) ابن الأنبارى وياقوت والسيوطى في البغية. (٢) مما هو جدير بالذكر أن ابن فارس ظل دهراً شافعى المذهب، ولكنه في آخر أمره حين استقر به المقام في مدينة الرى، تحول إلى مذهب المالكية. ولما سئل في ذلك قال: «أخذتنى الحمية لهذا الإمام أن يخلو مثل هذا البلد عن مذهبه، فعمرت مشهد الانتساب إليه حتى يكمل لهذا البلد فخره؛ فإن الرى أجمع البلاد للمقالات والاختلافات في المذاهب، على تضادها وكثرتها». انظر نزهة الألباء ٣٩٣. (٣) نزهة الألباء ٣٩٣ - ٣٩٤.