وفي المقاييس:«وكذلك قولهم إن الأترور الغلام الصعير. ولولا وجداننا ذلك في كتبهم لكان الإعراض عنه أصوب. وكيف يصح شئ يكون شاهده مثل هذا الشعر:
أعوذ باللّه وبالأمير … من عامل الشرطة والأترور»
على أنى لو أمعنت في الموازنة بين المجمل والمقاييس لأعضد هذا الرأى، لاقتضانى ذلك أن أكتب كثيراً. ولكن يستطيع القارئ بالنظر في الكتابين أن يذهب معى هذا المذهب.
[نظام المعجم والمقاييس]
جرى ابن فارس على طريقة فاذَّةٍ بين مؤلفى المعاجم، فى وضع معجميه: المجمل والمقاييس. فهو لم يرتِّب موادهما على أوائل الحروف وتقليباتها كما صنع ابن دريد فى الجمهرة، ولم يطردها على أبواب أواخر الكلمات، كما ابتدع الجوهرى في الصحاح، وكما فعل ابن منظور والفيروز ابادىّ في معجميها، ولم ينَسُقْها على أوائل الحروف فقط كما صنع الزمخشرى في أساس البلاغة، والفيومى في المصباح المنير.
ولكنه سلك طريقاً خاصَّا به، لم يفطن إليه أحد من العلماء ولا نَبَّه عليه. وكنت قد ظننت أنه لم يلتزم نظاماً في إيراد المواد على أوائل الحروفِ وأنه ساقها في أبوابها هملاً على غير نظام. ولكنى بتتبُّع المجمل والمقاييس ألفَيْته يلتزم النظامَ الدقيق التالى:
١ - فهو قد قسم مواد اللغة أوَّلاً إلى كتب، تبدأ بكتاب الهمزة وتنتهى بكتاب الياء.