ثم راحُوا عَبِقَ المسكُ بهم … يَلْحَفُون الأرضَ هُدَّابَ الأُزُرْ (١)
ومن هذا الباب قولهم: ما بقى لهم عَبَقَة، أى [ما] بقيت لهم بقيّةٌ من المال.
والمعنى فى ذلك البقيّة من السَّمْن تبقى فى النِّحْى قد عَبِقَت به. ويقولون: إنّ العَبَاقِية: شجرٌ له شَوك. وهذا إنْ حُمِل على القياس صَحَّ؛ لأنَّه يَعْلَق بالشَّئ ويُعْلَق به. ويُنشَد:
غَداةَ شُواحِطٍ فنجَوْتَ شَدَّا … وثوبُكَ فى عَباقيةٍ هَرِيدُ (٢)
ويقال: العَبَاقِيَةُ: بقية الطِّيب (٣) والدَّيْن، وقد ذكرنا وجه قياسه.
ومن الباب العَبَاقية من الرِّجال. قال الخليل: العباقِيَة: الداهى المنكَر، على وزن عَلَانِيَة. وإنّما سمِّى بذلك لأنه تعلَّق كلَّ شئ. وقال:
أُتِيحَ لها عَباقيَةٌ سَرَنْدَى … جرِىُّ الصَّدرِ منبسطُ اليَمينِ (٤)
وقال الأصمعىُّ: شانَه شيناً عَبَاقِيةً، أى شيئاً شديداً، والأجود أن يقال شيئاً لازماً لا يُفارِق. قال الكسائىّ: ويقال إنّ العبَاقية جُرح يُصِيب الرَّجُل فى حُرِّ وجهه. وهذا صحيح؛ لأنّه شينٌ باقٍ يلازم.
[عبك]
العين والباء والكاف أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على ما يدلُّ عليه الذى قبله، وليس ببعيدٍ أن يكون من باب الإبدال. قال الخليل: ما ذقت عَبَكة ولا لَبَكةً. وقال ابن الأعرابىّ: يقال: ما أغنيتَ عنِّى عبكةً ولا لَبَكة
(١) ديوان طرفة ٦٨ واللسان (عبق، لحف). (٢) لساعدة بن العجلان الهذلى، فى اللسان (عبق، هرد) وديوان الهذليين (١٠٩: ٣). (٣) فى الأصل: «الغضب». (٤) أنشده فى اللسان (عبق) برواية: «أطف لها عباقية».