ومن الباب الأَقْدَرُ من الخليل، وهو الذي تقعُ رِجلاهُ موَاقِعَ يدَيْه، كأن ذلك قدَّرَه تقديراً قال:
وأقْدَرُ مُشرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ … كميتٌ لا أحَقُّ ولا شئيتُ (١)
وقوله تعالى: ﴿وَما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾، قال المفسرون: ما عظَّموا اللّهَ حقَّ عظمته. وهذا صحيحٌ، وتلخيصُه أنَّهم لم يصفوه بصِفَته التي تَنْبَغِي له تعالى.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ فمعناه قُتِر. وقياسه أنَّه أُعْطِيَ ذلك بقَدْر يسير. وقُدْرَةُ اللّه تعالى على خليقته: إيتاؤهم بالمبلغ الذي يشاؤه ويريده، والقياس فيه وفي الذي قبلَه سواءٌ. ويقولون: رجلٌ ذو قُدرةٍ وذو مَقدِرة، أي يسار.
ومعناه أنّه يبلُغُ بيسارِه وغِنائِه من الأُمور المبلغَ الذي يوافق إرادتَه.
ويقولون: الأَقْدَر من الرِّجال: القصير العنُق؛ وهو القياسُ كأنَّ عُنقَه قد قُدِرت.
ومما شذَّ أيضا عن هذا القياس القِدر، وهي معروفةٌ. والقَدِير: اللَّحمُ يُطبخ في القِدر. والقُدَار فيما يقولون: الجَزّار، ويقال الطَّباخ، وهو أشْبَه.
ومما شذَّ أيضاً قولُهم: القُدَار: الثُّعبان العظيم وفيه نظر.
[قدس]
القاف والدال والسين أصلٌ صحيح، وأظنه من الكلام الشرعيِّ الإسلاميِّ، وهو يدلُّ على الطهْر.
ومن ذلك الأرضُ المقدَّسة هي المطهَّرة. وتسمَّى الجنَّة حَظِيرةَ القُدْس، أي الطُّهر. وجَبْرَئيلُ ﵇ رُوح القُدُس. وكلُّ ذلك معناه واحد. وفي صِفَة
(١) البيت لعدى بن خرشة الخطمى، كما فى اللسان (شأت، حقق، سطا)، وقد سبق فى (حق، شأت).