ومن هذا القياس الأدَبُ أيضاً، لأنّهُ مُجمَعٌ على استحسانه. فأمَّا
حديث عبدِ اللّه بن مسعود: «إنَّ هذا القرآنَ مَأْدُبَةُ اللّه تعالى فتعلموا (١) مِنْ مأدُبته».
فقال أبو عبيد: من قال مأدبة فإنّه أراد الصّنيع يصنعه الإِنسان يدعو إليه النّاس. يقال منه أَدَبْتُ على القوم آدِبُ أَدْباً، وذكر بيت طرفة، ثمّ ذكر بيت عدى:
قال: ومن قال مَأْدَبَة فإنّه يذهب إلى الأدَب، يجعله مَفْعَلة من ذلك.
ويقال إن الإدْبَ العَجَبُ (٣)، فإنْ كان كذا فلتجمُّع الناس له.
[(باب الهمزة والذال وما معهما فى الثلاثى]
[أذن]
الهمزة والذال والنون أصلان متقارِبان فى المعنى، متباعدان فى اللفظ، أحدهما أُذُنُ كلِّ ذى أُذُن، والآخر العِلْم؛ وعنهما يتفرَّع البابُ كلُّه. فأمّا التّقارب فبالأُذُن يقع علم كلِّ مسموعٍ. وأمّا تفرُّع الباب
(١) فى الأصل: «فقاموا»، صوابه فى اللسان (٢٠١: ١). (٢) البيت محرف فى اللسان (أدب) وعجزه فى (٣٠٤: ١٦). وأنشده الجواليقى فى العرب ١٣٠ برواية «زجل عجزه … » وقال: «يعنى أنه يجاوبه صوت رعد آخر من بعض نواحيه كأنه قرع دف يقرعه أهل عرس دعوا الناس إليها». وانظر شعراء النصرانية ٤٥٤ - ٤٥٦. (٣) فى اللسان: «الأصمعى: جاء فلان بأمر أدب مجزوم الدال، أى بأمر عجيب».