فحاول أن يقوم بما عجز عنه ابن دريد أو نكص عنه، فألَّف كتابه هذا المقاييسَ، يطرُد فيه قاعدة الاشتقاق فيما صحَّ لديه من كلام العرب.
[الاشتقاق]
والكلام في الاشتقاق قديم، يرجع العهد به إلى زمان الأصمعى وقطرب وأبى الحسن الأخفش، وكلهم قد ألَّف في هذا الفن (١). ولكن ابن دريد بدأ النجاح الكبير لهذه الفكرة بتأليف كتاب الاشتقاق، وثَنَّاه ابن فارس بتأليف المقاييس، وحاول معاصراه أبو على الفارسى (٢)، وتلميذه أبو الفتح بن جنى (٣) أن يصعدا درجةً فوق هذا، بإذاعة قاعدة الاشتقاق الأكبر، التى تجعل للمادة الواحدة وجميع تقاليبها أصلاً أو أصولاً ترجع إليها (٤)، فأخفقا في ذلك، ولم يستطيعا أن يشيعا هذا المذهب في سائر مواد اللغة.
(١) المزهر ٣٥١: ١. (٢) كانت وفاته سنة ٣٧٧. (٣) وفاة ابن جنى سنة ٣٩٢. (٤) مثال ذلك ما أورده ابن جنى في صدر الخصائص، من أن معنى (ق ول) أين وجدت وكيف وقعت من تقدم بعض حروفها على بعض وتأخره عنه، إنما هو للخفوف والحركة. يعنى (ق ول) و (ق ل و) و (وق ل) و (ول ق) و (ل ق و) و (ل وق).